تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٥٦
* (الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون (75) قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم (76) قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) لعن الذين كفروا) * * (كانا يأكلان الطعام) أي: يتغذيان بالطعام، ومعناه: أن من يتغذى بالطعام لا يكون إلها يعبد، وقال ابن قتيبة: هو كناية عن الحدث، يعني: أنهما يأكلان، ويشربان، ويبولان، ويتغوطان، ومثل هذا لا يكون إلها يعبد * (انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون) قال ابن قتيبة: وهذا من ألطف البيان، وقوله: * (يؤفكون) أي: يصرفون، ومنه سمي الكذب: إفكا؛ لأنه مصروف عن الحق.
قوله - تعالى -: * (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) يعني: عيسى ومثله. * (والله هو السميع العليم).
قوله - تعالى -: * (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق) الغلو: مجاوزة الحد، وهو مذموم، وكذلك التقصير، ودين الله بين الغلو، والتقصير * (ولا تتبعوا أهواء قوم) الأهواء: جمع الهوى، وهو مقصور، وأما الهواء الممدود: فهو الجو، والهوى: كل ما تدعو إليه شهوة النفس، لا الحجة * (قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل). فإن قيل: ما معنى هذا التكرير، قال الزجاج: معنى قوله: * (ضلوا عن سواء السبيل) يعني: بالإضلال، والأول من الضلالة، وقيل: ضلوا من قبل الإضلال، وضلوا بعد الإضلال؛ فكأنهم ضلوا مرتين.
قوله - تعالى -: * (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) فالذين لعنوا على لسان داود: هم أصحاب السبت، والذين لعنوا على لسان عيسى: أصحاب المائدة، وأولئك الذين جعلهم الله قردة، وهؤلاء الذين جعلهم الله خنازير * (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).
قوله - تعالى -: * (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) التناهي: تفاعل من النهي، والمنكر: كل ما أنكره الشرع، وفي الخبر قال: أول ما
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»