تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٨
* (قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد) * * يسمعون من الرسول، ويخرجون، ويكذبون * (سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) أي: جواسيس لقوم آخرين لم يأتوك، وهم أهل خيبر، يصف المنافقين واليهود، وأما المنافقون: كانوا جواسيس اليهود، وأما اليهود كانوا جواسيس لأهل خيبر، وسئل سفيان: هل في القرآن للجاسوس ذكر؟
فقال: (بلى) وقرأ هذه الآية.
* (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) أي: من بعد ما وضعه الله مواضعه، وتحريفهم الكلم: هو كتمان آية الرجم.
* (ويقولون إن أويتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا).
سبب نزول الآية [هذه]: أن يهوديين زنيا من أشراف اليهود، فكرهوا رجمهما؛ فقالوا: نبعث إلى محمد نسأله، فإن أفتى بالجلد وتحميم الوجه، نأخذ به، وإن أفتى بغيره، لا نأخذ به، فهذا معنى قوله: * (إن أوتيتم هذا) يعني: ما توافقوا عليه من الجلد والتحميم * (فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا) أي: إن أفتى بالرجم فلا تأخذوا به، وقيل: ' إن هذا كان في يهود خيبر، فبعثوا إلى يهود المدينة حتى يسألوه، فسألوا رسول الله، فأفتى بالرجم ' وتمام القصة: ' أنه - عليه السلام - دعا ابن صوريا الأعور، وقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما حد الزنا في كتابكم؟ فقال: أما إنك إذا أنشدتني بالله، فحد الزنا في كتابنا: الرجم، لكن كثر الزنا في أشرافنا؛ فكنا إذا زنى الشريف منا تركناه، وإذا زنا الوضيع رجمناه، ثم اتفقنا على أمر يستوي فيه الشريف والوضيع، وهو الجلد والتحميم، فقال: أنا أحق بإحياء سنة أماتوها، ودعا باليهوديين اللذين زنيا وأمر برجمهما ' والحديث في
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»