تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
* (دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24)) * * أسمعهم سماع الآذان لتولوا. وقيل معناه: ولو أسمعهم سماع التفهم لتولوا؛ لما سبق لهم من الشقاوة، وأنهم لا يصلحون لذلك ولا خير فيهم. وقيل: معناه: أنهم كانوا يقولون للنبي: أحيي لنا قصيا؛ فإنه كان شيخا مباركا حتى نشهد لك بالنبوة فنؤمن بك، فقال الله تعالى: * (ولو أسمعهم) كلام قصي * (لتولوا وهم معرضون).
قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) قال السدي في قوله: * (لما يحييكم): أراد به الإيمان. وسمى السدي بذلك؛ لأنه كان يجلس في سدة مسجد الكوفة.
وقال قتادة: هو القرآن. وقال الفراء: هو الجهاد. وقال ابن قتيبة: هو الشهادة.
وروى أبو هريرة ' أن النبي دعا أبي بن كعب وهو في الصلاة، فأسرع القراءة وأتم الصلاة وأجابه، فقال النبي: ما منعك أن تجيبني؟ فقال: كنت في الصلاة، فقال - عليه السلام -: أما سمعت قوله الله تعالى: * (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)؟ فقال: علمت، لا أعود '.
* (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) قال سعيد بن جبير وجماعة: يحول بين المؤمن والكفر وبين الكافر، والإيمان. قال الضحاك: يحول بين المؤمن والمعصية، وبين الكافر والطاعة.
وفيه قول ثالث: أن معناه: يحول بين المؤمن والخوف، وبين الكافر والأمن؛ وذلك أن الكفار كانوا آمنين، والمسلمين كانوا خائفين؛ فأبدل الله تعالى خوف هؤلاء بالأمن، وأمن هؤلاء بالخوف، وعبر بالقلب؛ لأنه محل الخوف والأمن * (وأنه إليه تحشرون).
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»