* (الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور (154) إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما لستزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا).
قوله تعالى: * (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان). يعني: الذين انهزموا من المسلمين يوم أحد؛ فإنه لما وقعت الهزيمة على المسلمين انهزم أكثرهم، ولم يبقى مع رسول الله إلا أربعة عشر نفرا: سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار، وقيل: ثلاثة عشر، ستة من المهاجرين وهم أبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص.
وفي الرواية الأولى: كان السابع الزبير، وكان طلحة أشد نكاية في الكفار يومئذ.
وقيل: إن يوم أحد لطلحة، وقيل: إنه كان وقاية رسول الله وكان قد ضرب على يده فشلت وبقيت كذلك.
وأما سعد وهو رامية، وكان يرمي بين يديه، ويقول له رسول الله: ' ارم، فداك أبي وأمي ' وأما الذين انهزموا، فقد لحق بعضهم بالمدينة منهم عثمان، ورجع بعضهم على الطريق منهم عمر؛ فذلك قوله: * (إنما استزلهم الشيطان) أي: طلب زلتهم، يقال: استعجل فلانا، أي: طلب عجلته، ومعناه: أن الشيطان استزلهم حتى انهزموا.
وقوله * (ببعض ما كسبوا) يعني: من مخالفة الرسول * (ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم) قال الزجاج: كان سبب انهزامهم: أن الشيطان وسوس إليهم: إن عليكم ذنوبا؛ فكرهوا القتل قبل أن يتوبوا من الذنوب؛ فذلك قوله: * (إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم).