تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٤٦
حاتم: لأنهما على بناء فعل مضارع وهما مع ذلك أعجميان. وقرأ الأعمش وأشهب العقيلي: ولا يغوثا ويعوقا مصروفين " * (ونسرا) *).
أخبرني الحسين قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا محمد بن بكار بن المرقان، قال: حدثنا أبو معشر عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب، قال: كان لآدم (عليه السلام) خمس بنين: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وكانوا عبادا فمات رجل منهم فحزنوا عليه حزنا شديدا، فجاءهم الشيطان، فقال: هل لكم أن أصور لكم في قبلتكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه، قالوا: نكره أن يجعل في قبلتنا شيئا نصلي إليه، قال: فأجعله في مؤخر المسجد. قالوا: نعم فصوره لهم من صفر ورصاص، ثم مات آخر فصوره لهم، ثم مات آخر فصوره لهم، قال: فنقصت الأشياء كما ينقصون اليوم وأقاموا على ذلك ما شاء الله، ثم تركوا عبادة الله سبحانه فأتاهم الشيطان فقال: ما لكم لا تعبدون شيئا، قالوا: من نعبد؟ قال: هذه آلهتكم وآلهة آبائكم لا ترونها مصورة في مصلاكم، قال: فعبدوها من دون الله عز وجل، حتى بعث الله عزوجل نوحا فدعاهم إلى عبادة الله سبحانه، فقالوا: " * (لا تذرن آلهتكم) *) إلى قوله سبحانه وتعالى: " * (ونسرا) *).
وروى سفيان عن موسى عن محمد بن قيس، " * (ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) *) قال: كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح (عليهما السلام)، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا، قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
قال ابن عباس: كان نوح يحرس جسد آدم على جبل بالهند، يحول بين الكافرين وبين أن يطوفوا بقبره، فقال لهم الشيطان: إن هؤلاء يفخرون عليكم فيزعمون أنهم بنو آدم دونكم وإنما هو جسد وأنا أصور لكم مثله تطوفون به، فنحت خمسة أصنام وحملهم على عبادتها وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فلما كان أيام الغرق دفن الطوفان تلك الأوثان وطمها التراب، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب، فاتخذت قضاعة ودا فعبدوها بدومة الجندل، ثم توارثه بنوه الأكابر فالأكابر حتى صارت إلى كلب فجاء الإسلام وهو عندهم، وأخذ أعلى وأنعم وهما من طي يغوث فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا، ثم إن بني ناجية أرادوا أن ينزعوه من أعلى وأنعم، ففروا به إلى الحصين أخي بني الحرث بن كعب، وأما يعوق فكان لكهلان، ثم توارثه بنوه الأكبر فالأكبر، حتى صار إلى همدان، وأما نسر فكان لخثعم يعبدونه، وأما سواع فكان لآل ذي الكلاع يعبدونه.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»