تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٥١
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف النهار جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي، فقال: يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه يقول: يا سرحان أرسله، فأتانا الحمل يشتد حتى دخل الغنم، ولم يصبه كدمة، قال، وأنزل الله سبحانه على رسوله بمكة: * (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن) * * (فزادوهم رهقا) *) يعني: (إن الإنس زادوا الجن طغيانا باستعاذتهم) فزادتهم رهقا.
قال ابن عباس: أثما. معمر عن قتادة: خطيئة. سعيد عنه: جرأة. مجاهد: طغيانا. ربيع: فرقا. ابن زيد: خوفا. إبراهيم: عظمة، وذلك أنهم قالوا: (سدنا) الجن والإنس. مقاتل: غيا. الحسن: شرا. ثعلب: خسارا. والرهق في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم، ورجل مرهق: إذا كان كذلك. وقال الأعشى:
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا " * (وأنهم ظنوا كما ظننتم) *) يا معشر الكفار من الإنس " * (أن لن يبعث الله أحدا) *) بعد موته " * (وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا) *) من الملائكة " * (وشهبا) *) من النجوم " * (وأنا كنا نقعد منها) *) من السماء " * (مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض) *) برمي الشهب " * (أم أراد بهم ربهم رشدا وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق ددا) *) أهواء مختلفة وفرقا شتى، منا المؤمن ومنا الكافر.
قال سعيد بن جبير: ألوانا شتى. الحسن: قددا مختلفين، الأخفش: ضروبا، أبو عبيدة: أصنافا، المؤرخ: أجناسا، النضر: مللا، ابن كيسان: شيعا وفرقا لكل فرقة هوى كأهواء الناس، وقال الفراء: تقول العرب: هؤلاء طريقة قومهم أي ساداتهم ورؤساؤهم، المسيب: كنا مسلمين ويهودا ونصارى.
أخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن الخطاب، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن نحتويه، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم الصوري بأنطاكية، قال: حدثنا محمد بن المتوكل بن أبي السراي، قال: حدثنا المطلب بن زياد، قال: سمعت السدي يقول في قول الله سبحانه: " * (كنا طرائق قددا) *)، قال: الجن مثلكم فيهم قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة.
واحد القدد: قدة، وهي الفرقة وأصلها من القد وهو القطع. قال لبيد يرثي أخاه أربد:
لم تبلغ العين كل نهمتها ليلة تمشي الجياد كالقدد
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»