تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٥٦
نستغفر الله، ونتوب إليه). ففعلوا، فقال: (والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل، فلم يقولوها).
ثم قال رسول الله للناس: (اسلكوا ذات اليمين) في طريق يخرجه على ثنية المرار على مهبط الحديبية من أسفل مكة.
فسلك الجيش ذلك الطريق، فلما رأت خيل قريش فترة قريش وأن رسول الله قد خالفهم عن طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش ينذرونهم، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك ثنية المرار بركت به ناقته، فقال الناس: حل حل. فقال: (ما حل؟) قالوا: حلأت الفضول. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما حلأت، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل).
ثم قال: (والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يعظمون بها حرمات الله، وفيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها)، ثم قال للناس: (انزلوا) فنزلوا بأقصى الحديبية على بئر قليلة الماء، إنما يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبث الناس أن ترجوه، فشكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فنزع سهما من كنانته، وأعطاه رجلا من أصحابه يقال له: ناجية بن عمير بن يعمر بن دارم، وهو سائق بدن رسول الله، فنزل في ذلك البئر، فغرزه في جوفه، فجاش الماء بالري، حتى صدروا عنه، ويقال: إن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها، وناجية في القليب يمتح على الناس، فقالت:
يا أيها الماتح دلوي دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيرا ويمجدونكا أرجوك للخير كما يرجونكا فقال:
قد علمت جارية يمانية أني أنا الماتح واسمي ناجية وطعنة ذات رشاش واهية طعنتها عند صدور العادية قال: فبينا هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه، وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد نزلوا بعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنا لم نأت لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددناهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر، وإن
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»