وقال عطاء بن يسار وعطاء الخراساني: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورفقوه وقالوا: إلى من تكلنا وتدعنا فيرق ويقيم، فأنزل الله سبحانه وتعالى: " * (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) *) لحملهم إياكم على المعصية وترك الطاعة فاحذروهم أن تقبلوا منهم.
" * (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا) *) فلا تعاقبوهم على خلافهم إياكم * (فإن الله غفور رحيم) * * (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) *) بلاء واختبار يحملكم على الكسب من الحرام والمنع عن الحق، وقال القتيبي: إغرام يقال فتن فلان بفلانه أي أغرم بها.
قالت الحكماء: أدخل من التبعيض في ذكر الأزواج والأولاد حيث أخبر عن عداوتهم، لأن كلهم ليسوا بأعداء ولم يذكر من في قوله " * (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) *) لأنها لا تخلو عن الفتنة واشتغال القلب بها، يدل عليه قول عبد الله بن مسعود: (لا يقولن أحد: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس منكم أحد يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن ليقل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن).
وأخبرنا ابن منجويه قال: حدثنا عمر بن الخطاب قال: حدثنا عبد الله بن الفضل قال: حدثنا أبو خثمه قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثنا حسين بن واقد قاضي مرو قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يعثران، فنزل النبي (عليه السلام) اليهما فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر فقال: (صدق الله " * (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) *) رأيت هذين الصبيين فلم أصبر عنهما) ثم أخذ في الخطبة.
" * (فاتقوا الله ما استطعتم) *) ناسخة لقوله " * (اتقوا الله حق تقاته) *) وقد مر ذكره.
" * (واسمعوا وأطيعوا وانفقوا خيرا لأنفسكم) *) مجازه: يكن الإنفاق خيرا لأنفسكم. " * (ومن يوق شح نفسه) *) ومنعها عن الحق " * (فأولئك هم المفلحون) *) قال ابن عمر: (ليس الشح أن يمنع الرجل ماله، وإنما الشح أن يطمع الرجل إلى ما ليس له).
" * (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم) *).
" * (عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم) *)) .