تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٨
قال: (ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى (عليه السلام) يعملون بمعاصي الله سبحانه، فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا القليل، فقالوا: إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه، فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا عيسى يعنون محمدا فتفرقوا في غيران الجبال، وأحدثوا الرهبانية، فمنهم من تمسك بدينه ومنهم من كفر). ثم تلا هذه الآية " * (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) *) الآية.
" * (فآتينا الذين آمنوا منهم) *) يعني: من ثبتوا عليها " * (أجرهم) *)، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم (يا بن أم عبد، أتدري ما رهبانية أمتي؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة والتكبير على التلاع).
وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن سليمان قال: حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا الصعق بن حزن، عن عقيل الجعدي، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا بن مسعود، اختلف من كان قبلكم على ثنتين وسبعين فرقة ونجا منها ثلاث وهلك سائرهن، فرقة وازت الملوك وقاتلوهم على دين عيسى فأخذوهم وقتلوهم، وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا بأن يقيموا بين ظهرانيهم تدعوهم إلى دين الله سبحانه ودين عيسى، فساحوا في البلاد وترهبوا وهم الذين قال الله سبحانه: " * (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) *)).
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون).
وروى الضحاك وعطية عن ابن عباس قال: كتب الله سبحانه عليهم القتال قبل أن يبعث محمدا صلى الله عليه وسلم فلما استخرج أهل الإيمان ولم يبق منهم إلا قليل وكثر أهل الشرك، وذهبت الرسل وقهروا، اعتزلوا في الغيران فلم يزل بهم ذلك حتى كفرت طائفة منهم، وتركوا أمر الله ودينه، وأخذوا بالبدعة وبالنصرانية وباليهودية، ولم يرعوها حق رعايتها، وثبتت طائفة على دين عيسى حتى جاءهم البينات، وبعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم وهم كذلك. فذلك قوله عز وجل: " * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله) *) إلى قوله: " * (والله غفور رحيم) *).
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثنا ابن فضيل قال: حدثنا عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وحدثت عن محمد بن جرير، قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال: حدثنا الفضل
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»