تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٦
وقال الفضيل في هذا المعنى: الدنيا مفيد ومبيد فما أباد فلا رجعة له، وما أفاد فقد أذن بالرحيل.
وقال الحسين بن الفضل: حمل الله سبحانه بهذه الآية المؤمنين على مضض الصبر على الفائت، وترك الفرح بالآتي، والرضا بقضائه في الحالتين جميعا.
وقال قتيبة بن سعيد: دخلت بعض أحياء العرب فإذا أنا بفضاء من الأرض مملوء من الإبل الموتى والجيف بحيث لا أحصي عددها، فسألت عجوزا: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تل يغزل صوفا، فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي. قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها. قلت: وهل قلت في ذلك شيئا؟ قال: نعم:
لا والذي أخذ (...) من خلائقه والمرء في الدهر نصب الرزء والمحن ما سرني أن إبلي في مباركها وما جرى في قضاء الله لم يكن وقال سلم الخواص: من أراد أن يأكل الدارين فليدخل في مذهبنا عامين؛ ليضع الله سبحانه الدنيا والآخرة بين يديه. قيل: وما مذهبكم؟ قال: الرضا بالقضا، ومخالفة الهوى. وأنشد:
لا تطل الحزن على فائت فقلما يجدي عليك الحزن سيان محزون على ما مضى ومظهر حزنا لما لم يكن " * (الذين يبخلون) *)، قيل: هو في محل الخفض على نعت (المختال)، وقيل: هو رفع بالابتداء وخبره ما بعده. " * (ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد) *) قرأ أهل المدينة والشام بإسقاط " * (هو) *) وكذلك هو في مصاحفهم. الباقون بإثباته.
" * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) *) يعني له يعدل. وقال ابن زيد: ما يوزن به. " * (ليقوم الناس بالقسط) *): ليعمل الناس بينهم بالعدل " * (وأنزلنا الحديد) *)، قال ابن عباس: نزل آدم من الجنة معه خمسة أشياء من الحديد: السندان، والكلبتان، والمنقعة، والمطرقة، والأبرة.
وقال أهل المعاني: يعني أنه أخرج لهم الحديد من المعادن، وعلمهم صنيعته بوحيه.
وقال قطرب: هذا من النزل كما تقول: أنزل الأمر على فلان نزلا حسنا، فمعنى الآية أنه جعل ذلك نزلا لهم، ومثله قوله: " * (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) *)) .
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»