تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٥
وقال الشعبي: المصيبة: ما يكون من خير وشر وما يسيء ويسر.
ودليل هذا التأويل قوله سبحانه: " * (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) *) فذكر الحالتين جميعا: " * (إلا في كتاب) *) يعني: اللوح المحفوظ " * (من قبل أن نبرأها) *): من قبل أن نخلق الأرض والأنفس.
وقال ابن عباس: يعني المصيبة.
وقال أبو العالية: يعني النسمة " * (إن ذلك على الله يسير) *) إن خلق ذلك وحفظه على الله هين.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: أخبرنا داود قال: حدثنا عبيد قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا الربيع بن أبي صالح قال: دخلت على سعيد بن جبير في نفر فبكى رجل من القوم، فقال: ما يبكيك؟ قال: أبكي لما أرى بك ولما يذهب بك إليه. قال: فلا تبك، فإنه كان في علم الله سبحانه أن يكون، ألم تسمع إلى قول الله عز وجل: " * (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم) *) الآية.
" * (لكيلا اتأسوا) *): تحزنوا " * (على ما فاتكم) *) من الدنيا، " * (ولا تفرحوا) *): تبطروا " * (بما آتاكم) *). قراءة العامة بمد الألف، أي ( أعطاكم)، واختاره أبو حاتم. وقرأ أبو عمرو بقصر الألف أي: (جاءكم)، واختاره أبو عبيد، قال: لقوله سبحانه: " * (فاتكم) *) ولم يقل: (أفاتكم) فجعل له، فكذلك (أتاكم) جعل الفعل له ليوافق الكلام بعضه بعضا.
قال عكرمة: ما من أحد إلا وهو يفرح ويحزن فاجعلوا للفرح شكرا وللحزن صبرا.
" * (والله لا يحب كل مختال فخور) *): متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس.
وقال ابن مسعود: لأن ألحس جمرة أحرقت ما أحرقت، وأبقت ما أبقت، أحب إلي من أن أقول لشيء كان: ليته لم يكن، أو لشيء لم يكن: ليته كان.
وقال جعفر الصادق: (يا بن آدم، مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت؟ ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟).
وقيل لبزرجمهر: ما لك أيها الحكيم لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت؟ فقال: لأن الفائت لا يتلافى بالعبرة، والآتي لا يستدام بالحبرة
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»