تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٥٣
محمد بن عبد الكريم قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا المعمر بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن المعتصم أبو جميل عن أبي يزيد عن سعيد بن جبير أنه قرأ " * (وإبراهيم الذي وفى) *) خفيفة.
فأما الجامع بين قوله سبحانه: " * (لا تزر وازرة وزر أخرى) *) وبين قوله: " * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) *) فهو ما قال الحسين بن الفضل: " * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *) طوعا، " * (وليحملن أثقالا مع أثقالهم) *) كرها.
أخبرني الحسين بن محمد قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا عبد الله بن أياد بن لقيط عن أبي رمتة، قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لي أبي: أتدري من هذا؟، هذا رسول الله. قال: فاقشعررت عن ذلك حين قال لي، وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يشبه الناس، فإذا هو بشر ذا وفرة بها ردع من حناء وعليه ثوبان أخضران، فسلم عليه أبي، ثم جلسنا فتحدثنا ساعة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: (هذا ابنك؟) قال أبي: ورب الكعبة حقا أشهد به، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا من تثبيت شبهي في أبي، ومن حلف أبي علي قال: (أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *). ثم نظر أبي إلى مثل السلعة بين كتفيه، فقال: يا رسول الله إني أطبب الرجال، ألا أعالجها لك؟ قال: (لا طبيبها الذي خلقها).
" * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) *) أي عمل. نظيره قوله سبحانه: " * (إن سعيكم لشتى) *).
قال ابن عباس: هذه الآية منسوخة، فأنزل الله بعدها " * (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم) *) فادخل الأبناء بصلاح الآباء الجنة، وقال عكرمة: كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى، فأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى غيرهم. بخبر سعد حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لأمي إن تطوعت عنها؟ قال: (نعم)، وخبر المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي مات ولم يحج، قال: (فحجي عنه).
وقال الربيع بن أنس: " * (وإن للإنسان) *) يعني الكافر، فأما المؤمن فله ما سعى وما سعي، وقيل: ليس للكافر من الخير إلا ما عمله فيثاب عليه في دار الدنيا حتى لا يبقى له في الآخرة خير.
ويروى أن عبد الله بن أبي كان أعطى العباس قميصا ألبسه إياه، فلما مات عبد الله أرسل رسول الله قميصه ليكفن فيه. فلم تبق له حسنة في الآخرة يثاب عليها.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»