تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٤٨
ويرجون شفاعتهم عند الله. " * (لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) *) قال الأخفش: الملك موحد ومعناه الجمع، وهو مثل قوله: " * (فما منكم من أحد عنه حاجزين) *).
" * (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية) *) أي كتسمية أو بتسمية " * (الأنثى وما لهم) *) وذلك حين قالوا: إنهم بنات الله سبحانه، تعالى الله عن افترائهم " * (به من علم إن يتبعون إلا الظن وأن الظن لا يغني عن الحق) *) أي من العذاب " * (شيئا) *) نظيره " * (ما ننزل من الملائكة إلا بالحق) *). يعني أنها لا تشفع لهم، وأن ظنهم لا ينقذهم من العذاب.
" * (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا) *) يعني القرآن، وقيل: الإيمان، وقيل محمد صلى الله عليه وسلم " * (ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) *) قال الفراء: وذلك حين قالوا: إنهم بنات الله، تعالى الله عن افترائهم وازرى بهم بعد ذلك قدر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة. " * (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله) *) دينه " * (وهو أعلم بمن اهتدى ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين آساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) *) اختلفوا في معنى " * (إلا) *) فقال قوم: هو استثناء صحيح، واللمم من الكبائر والفواحش، ومعنى الآية: إلا ان يلم بالفاحشة ثم يتوب وتقع الوقعة ثم ينتهي، وهو قول أبي هريرة ومجاهد والحسن وأبي صالح، ورواية عطاء عن ابن عباس قال: هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: اللمم: ما دون الشرك.
وقال آخرون: هو استثناء منقطع مجازه: لكن اللمم، ولم يجعل اللمم من الكبائر والفواحش، ثم اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: هو ما سلف في الجاهلية فلا يؤاخذهم به، وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين: إنما كانوا بالأمس يعملون معنا، فأنزل الله سبحانه هذه الآية، وهذا قول زيد بن ثابت وزيد بن أسلم وابنه، وروى الوالبي عن ابن عباس، وقال بعضهم: هو صغار الذنوب مثل النظرة والغمزة والقبلة، وهو من ألم بالشيء إذا لم يتعمق فيه ولم يلزمه، وهو قول ابن مسعود ومسروق والشعبي وأبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان، ورواية طاووس عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان المنطق، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم).
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»