تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٤٩
وقال ابن الزبير وعكرمة وقتادة والضحاك: هو ما بين الحدين: حد الدنيا وعذاب الآخرة، وهي رواية العوفي والحكم بن عيينة عن ابن عباس، وقال الكلبي: اللمم على وجهين، كل ذنب لم يذكر عليه حدا في الدنيا ولا عذابا في الآخرة، فذلك الذي تكفره الصلوات ما لم يبلغ الكبائر، والوجه الآخر هو الذنب العظيم يلم به المسلم المرة بعد المرة فيتوب منه، وقال مقاتل: اللمم ما بين الحدين من الذنوب. [نزلت في نبهان التمار وقد مضت القصة في سورة آل عمران، وقال عطاء بن أبي رياح: اللمم عباده النفس الحين بن الحين، وقال سعيد بن المسيب: هو ما لم على القلب، اي حظر، وقال محمد بن الحنفية: كل ما هممت به من خير أو شر فهو لمم.
ودليل هذا التأويل الخبر المروي (إن للشيطان لمة، وللملك لمة، فلمة الشيطان الوسوسة، ولمة الملك الإلهام) وقال الحسين بن الفضل: اللمم: النظرة من غير تعمد، وهو مغفور، فإن أعاد النظر فليس بلمم وهو ذنب، وقال الفراء: اللمم: المتقارب من صغار الذنوب، وأصل اللمم والإلمام هو ما يعمله الانسان المرة بعد المرة، والحين بعد الحين ولا يتعمق فيه ولا يقيم عليه. يقال: ألممت به إذا زرته وانصرفت، المام الخيال، قال الأعشى:
ألم خيال من قتيلة بعدما وهى حبلها من حبلنا فتصرما وقال آخر:
أنى ألم بك الخيال يطيف ومطافه لك ذكرة وشغوف " * (إن ربك واسع المغفرة) *) لا يتعاظمه ذنب، نظيره " * (ورحمتي وسعت كل شيء) *).
أخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا الفضل بن الفضل الكندي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام الأصفهاني قال: حدثنا محمد بن عاصم، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العوام بن حوشب عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال: رأى أبو مسيرة عمرو بن شرحبيل، وكان من أفاضل أصحاب عبد الله في المنام قال: رأيت كأني دخلت الجنة فإذا قباب مضروبة فقلت: لمن هذه؟ فقالوا: لذي الكلاع وحوشب وكانا ممن قتل مع معاوية فقلت فأين عمار وأصحابه؟ فقالوا: أمامك، قلت: وقد قتل بعضهم بعضا؟: إنهم لقوا الله سبحانه فوجدوه واسع المغفرة.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»