وسمعت ابن حبيب يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب يقول: سمعت أبي يقول: دعا عبد الله بن طاهر والي خراسان الحسين بن الفضل قال: أشكلت علي ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي، قال: وما هي أيها الأمير؟، قال: قوله تعالى في وصف ابني آدم " * (فأصبح من النادمين) *) وصح الخبر بأن (الندم توبة)، وقوله: " * (كل يوم هو في شأن) *)، وصح الخبر (جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقوله تعالى: " * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) *) فما بال الأضعاف فقال الحسين: يجوز ان لا يكون ندم قابيل توبة له، ويكون ندم هذه الأمة توبة لها، إن الله سبحانه خص هذه الأمة بخصائص لم يشركهم فيها الأمم.
وفيه قول آخر: وهو أن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل، وإنما كان على حمله، وأما قوله: " * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) *) يعني عن طريق العدل، ومجاز الآية: وأن ليس للانسان إلا ما سعى عدلا، (ولى أن أجزيه بواحدة ألفا فضلا)، وأما قوله: " * (كل يوم هو في شأن) *) فإنها شؤون يعيدها لا شؤون يبديها، ومجاز الآية سوق المقادير إلى المواقيت. قال: فقام عبد الله بن طاهر وقبل رأسه وسوغ خراجه.
قال أبو بكر الوراق: " * (إلا ما سعى) *) أي نوى، بيانه قوله صلى الله عليه وسلم (يبعث الناس على نياتهم).
" * (وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) *) قال الأخفش: يقال: جزيته الجزاء وجزيته بالجزاء لا فرق بينهما، قال الشاعر:
إن أجز علقمة بن سعد سعيه لم أجزه ببلاء يوم واحد فجمع بين اللغتين.
" * (وأن إلى ربك المنتهى) *) أي منتهى الخلق ومصيرهم، وهو مجازيهم بأعمالهم، وقيل: منه ابتداء المنة وإليه انتهاء الآمال.
أخبرني الحسن بن محمد السفياني قال: حدثنا محمد بن سماء بن فتح الحنبلي، قال: حدثنا علي بن محمد المصري قال: حدثنا إسحاق بن منصور الصعدي، قال: حدثنا العباس بن زفر عن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه: " * (وأن إلى ربك المنتهى) *) قال: (لا فكرة في الله).
والشاهد لهذا الحديث ما أخبرني ابن فنجويه، قال: حدثنا ابن شيبة، قال: حدثنا عمير بن