" * (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها) *) يعني إليها " * (سابقون) *) كقوله (لما نهوا عنه) و (لما قالوا) ونحوهما، وكان ابن عباس يقول في معنى هذه الآية: سبقت لهم من الله السعادة ولذلك سارعوا في الخيرات.
" * (ولا نكلف نفسا إلا وسعها) *) يعني إلا ما يسعها ويصلح لها من العبادة والشريعة: " * (ولدينا كتاب) *) يعني اللوح المحفوظ " * (ينطق بالحق) *) يبين بالصدق ما عملوا وما هم عاملون من الخير والشر، وقيل: هو كتاب أعمال العباد الذي تكتبه الحفظة وهو أليق بظاهر الآية.
" * (وهم لا يظلمون) *) يعني يوفون جزاء أعمالهم ولا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
ثم ذكر الكفار فقال عز من قائل " * (بل قلوبهم في غمرة) *) عمى وغفلة " * (من هذا) *) القرآن " * (ولهم أعمال) *) خبيثة لا يرضاها الله من المعاصي والخطايا " * (من دون ذلك) *) يعني من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله سبحانه، قيل: وهي قوله * (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) * * (هم لها عاملون) *) لابد لهم من أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم من الشقاوة.
" * (حتى إذا أخذنا مترفيهم) *) يعني اغنياءهم ورؤساءهم " * (بالعذاب) *) قال ابن عباس: بالسيوف يوم بدر، وقال الضحاك: يعني الجوع وذلك حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحرقة والقد والأولاد).
" * (إذا هم يجأرون) *) يضجون ويجزعون ويستغيثون، وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور، قال الشاعر:
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا يصف بقره. وقال أيضا:
يراوح من صلوات المليك فطورا سجودا وطورا جؤارا " * (لاتجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون) *) لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم وتضرعكم.
" * (قد كانت آياتي تتلى عليكم) *) يعني القرآن " * (فكنتم على أعقابكم) *) أدباركم " * (تنكصون) *))