تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١١٨
والتبرج هو أن تظهر المرأة محاسنها مما ينبغي لها أن تستره.
" * (وأن يستعففن) *) فيلبيسن جلابيبهن " * (خير لهن والله سميع عليم ليس على الأعمى حرج) *) اختلف العلماء في تأويل هذه الآية وحكمها فقال ابن عباس: لما أنزل الله سبحانه وتعالى قوله " * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *) تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزمنى والعمي والعرج وقالوا: الطعام أفضل الأموال، وقد نهانا الله سبحانه عن أكل المال بالباطل، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض لا يستوفي الطعام، فأنزل الله سبحانه هذه الآية، وعلى هذا التأويل يكون على بمعنى في، يعني ليس عليكم في مواكله الأعمى والأعرج والمريض حرج.
وقال سعيد بن جبير والضحاك ومقسم: كان العرجان والعميان يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء لان الناس يتقززون منهم ويكرهون مؤاكلتهم، وكان أهل المدينة لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريض تقززا فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية ترخيصا للمرضى والزمنى في الأكل من بيوت من سمى الله سبحانه في هذه الآية وذلك أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا لم يكن عندهم ما يطعمونهم ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم أي بعض من سمى الله في هذه الآية، فكان أهل الزمانة: يتحرجون من أن يطعموا ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكيه ويقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وروى عبد الرزاق عن معمر قال: سألت الزهري عن هذه الآية فقال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ويقولون: قد أحللناكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون: لا ندخلها وهم غيب فأنزلت هذه رخصة لهم.
وقال الحسن وابن زيد: يعني ليس على الأعمى حرج " * (ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) *) في التخلف عن الجهاد في سبيل الله، قالا: وههنا تمام الكلام.
وقوله " * (ولا على أنفسكم) *) الآية. كلام منقطع عما قبله.
قال ابن عباس: تحرج قوم عن الأكل من هذه البيوت لما نزل قوله سبحانه " * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *) وقالوا: لا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد، فأنزل الله سبحانه هذه الآية " * (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه) *)) .
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»