وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في (الحق ما كان) تبذيرا، فلو أنفق يدا في باطل كان تبذيرا به.
وقال شعيب: كنت أمشي مع أبي إسحاق في طريق الكوفة، فأتى على دار تبنى بجص وآجر فقال: هذا التبذير في قول عبد الله: إنفاق المال في غير حقه.
" * (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) *) أولياؤهم وأعوانهم، والعرب تقول: لكل (من يلزم) سنة قوم وتابع أمرهم هو أخوهم " * (وكان الشيطان لربه كفورا) *) جحود النعمة.
" * (وإما تعرضن عنهم) *) الآية نزلت في منجع وبلال وصهيب وسالم وخباب، كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في الأحايين ما يحتاجون إليه ولا يجد لهم متسعا، فيعرض عنهم حياء منهم فأنزل الله عز وجل " * (وإما تعرضن عنهم) *) يعني وإن تعرض عن هؤلاء الذين أمرتك أن تؤتيهم حقوقهم عند مسألتهم إياك مالا يجد إليه سبيلا حياء منهم.
" * (ابتغاء رحمة من ربك) *) ابتغاء رزق من الله " * (ترجوها) *) أن يأتيك " * (فقل لهم قولا ميسورا) *) لينا وعدهم وعدا جميلا " * (ولا تجعل يدك مغلولة) *) الآية.
قال جابر بن عبد الله: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فيما بين الصحابة أتاه صبي فقال: يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعا، ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قميصه، فقال الصبي: من ساعة إلى ساعة يظهر يعد وقتا آخر، فعاد إلى أمه فقالت: قل له إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره ونزع قميصه وأعطاه وقعد عريانا، فأذن بلال للصلاة فأنتظروا فلم يخرج فشغل قلوب الصحابة فدخل عليه (بعضهم فرآه) عاريا فأنزل الله تعالى " * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) *) يعني ولا تمسك يدك عن النفقة في الحق، كالمشدودة يده على عنقه فلا يقدر على مدها والإعطاء.
" * (ولا تبسطها) *) بالعطاء " * (كل البسط) *) فتعطي جميع ما تملك " * (فتقعد ملوما) *) يلومك سائلوك إذا لم تعطيهم " * (محسورا) *) منقطعا بك لا شيء عندك تنفقه، فقال: حسرته بالمسألة إذا (أكلته) ودابة حسيرة إذا كانت كالة (رازحة) وحسير البصر إذا كل، قال الله " * (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) *) وقال قتادة: نادما على ما سلف منك.