الحديث أنه كان يفتتح القراءة في الصلاة بالحمد لله رب العالمين، يدل عليه أن الصلاة تفتتح بالتكبير بلا خلاف على أن الخبر متروك الظاهر.
ويدل على صحة ما قلنا حديث جبير بن مطعم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فقال: (الله أكبر كبيرا والحمد لله وسبحان الله بكرة وأصيلا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخة ونفثة وهمزة).
وقال ابن مسعود: نفخة الكبر ونفثة الشعر وهمزة المرض يعني الجنون، فإذا تقرر هذا ثبت أن الخبر المتقدم متروك بالظاهر مأخوذ المعنى.
واختلف الفقهاء في وقت الاستعاذة:
فقال أكثرهم: قبل القراءة، وهو قول الجمهور، وهو الصحيح المشهور.
وقال أبو هريرة: يتعوذ بعد القراءة وإليه ذهب داود بن علي.
وقال مالك في الصلاة التي يتعوذ فيها وهي قيام رمضان: يتعوذ بعد القراءة واحتج بظاهر الآية، وقد بينا وجهها، والدليل على أنها قبل القراءة، ما روى أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ثم يقرأ، وأما الكلام في محل الاستعاذة في الصلاة، فقد قال الشافعي: يقولها في أول الركعة، وقيل: إن قال حيث يفتتح كل ركعة قبل القراءة فحسن ما يقرأ به في شيء من الصلاة كما أمره به في أول ركعة. هذا قول عامة الفقهاء.
وقال ابن سيرين: يتعوذ في كل ركعة قبل القراءة. والصحيح المذهب الأول، لأن المروي في الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتعوذ إلا في الأولى، وأما صفتها وفي الصلاة فهي أن ينظر فإن كانت صلاة يسر فيها بالقراءة أسر فيها بالاستعاذة، وإن كانت يجهر فيها بالقراءة:
فقال الشافعي في (الأم): روي أن أبا هريرة أم الناس رافعا صوته: ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم، وكان ابن عمر يعوذ في نفسه.
قال الشافعي: فإن شاء جهر بها وإن شاء أسر بها.
قال الثعلبي: والاختيار الاخفاء ليفرق بين ما هو قرآن وما هو ليس بقرآن.
فأما لفظة الاستعاذة فالأولى والمستحب أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لنص القرآن والخبر المتصل المتسلسل، وهو أني قرآت على الشيخ أبي الفضل محمد بن أبي جعفر