تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٥٨
الرعية، إذا منعهم عن العبث والفساد، وضرب السيد على يدي عبده المأذون في التجارة، إذا منعه عن التصرف فيها. قال الأسود بن يعفر، وكان ضريرا:
ومن الحوادث لا أبا لك أنني ضربت علي الأرض بالأسداد " * (سنين عددا) *) أي معدودة، وهو نعت للسنين، فالعد المصدر، والعدد الاسم المعدود، كالنقص والنقض والخبط والحبط. وقال أبو عبيدة: هو نصب على المصدر.
" * (ثم بعثناهم) *)، يعني من نومهم؛ " * (لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) *)، وذلك حين تنازع المسلمون الأولون أصحاب الملك، والمسلمون الآخرون الذين أسلموا حين أوى أصحاب الكهف في قدر مدة لبثهم في الكهف، فقال المسلمون الأولون: مكثوا في كهفهم ثلاثمئة سنة وتسع سنين، وقال المسلمون الآخرون: بل مكثوا كذا وكذا. فقال الأولون: الله أعلم بما لبثوا، فذلك قوله: " * (ثم بعثناهم) *)، لتعلموا " * (أي الحزبين) *): الفريقين " * (أحصى) *): أصوب وأحفظ " * (لما لبثوا) *) في كهفهم نياما، " * (أمدا) *): غاية.
وقال مجاهد: عددا. وفي نصبه وجهان: أحدهما على التفسير والثاني لوقوع " * (لما لبثوا) *) عليه.
" * (نحن نقص) *)، أي نقرأ وننزل " * (عليك نبأهم) *)، أي خبر أصحاب الكهف " * (بالحق إنهم فتية) *): شبان وأحداث " * (آمنوا بربهم) *)، حكم الله لهم بالفتوة حين آمنوا بلا واسطة لذلك. وقال أهل اللسان: رأس الفتوة الإيمان. وقال الجنيد: الفتوة كف الأذى وبذل الندى، وترك الشكوى. وقيل: الفتوة شيئان: اجتناب المحارم، واستعمال المكارم. وقيل: الفتى من لا يدعي قبل الفعل، ولا يزكي نفسه بعد الفعل. وقيل: ليس الفتى من يصبر على السياط، إنما الفتى من جاز على الصراط. وقيل: ليس الفتى من يصبر على السكين، إنما الفتى من يطعم المسكين.
" * (وزدناهم هدى) *) إيمانا وبصيرة وإيقانا.
" * (وربطنا) *): وشددنا " * (على قلوبهم) *) بالصبر، وألهمناهم ذلك، وقويناهم بنور الإيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم وفراق ما كانوا فيه من خفض العيش، وفروا بدينهم إلى الكهف، " * (إذ قاموا) *) بين يدي دقيانوس " * (فقالوا) *) حين عاتبهم على تركهم عبادة الصنم: " * (ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو) *): لن نعبد " * (من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا) *)، يعني إن دعونا غير الله، لقد قلنا إذن شططا. قال ابن عباس ومقاتل: جورا. قال قتادة: كذبا. وأصل الشطط والإشطاط: مجاوزة القدر، والإفراط.
" * (هؤلاء قومنا) *)، يعني أهل بلدهم " * (اتخذوا من دونه) *)، أي من دون الله " * (آلهة) *)، يعني
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»