تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٦١
" * (ولملئت منهم رعبا) *): خوفا، وقرأ أهل المدينة: (لملئت) بالتشديد. وقيل: إنما ذلك من وحشة المكان الذي هم فيه. وقال الكلبي: لأن أعينهم مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم وهم نيام. وقيل: إن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم قال ابن عباس: ليس ذلك لك، قد منع الله من هو خير منك، قال: " * (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) *). فقال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم علمهم. فبعث ناسا فقال: اذهبوا فانظروا. ففعلوا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عز و جل عليهم ريحا فأخرجتهم فلم يستطيعوا الاطلاع عليهم من الرعب.
" * (وكذلك بعثناهم) *) أي كما أنمناهم في الكهف، ومنعنا من الوصول إليهم، وحفظنا أجسامهم من البلى على طول الزمان، وثيابهم من العفن على مر الأيام بقدرتنا، كذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت " * (ليتساءلوا بينهم) *): ليتحدثوا، ويسأل بعضهم بعضا. " * (قال قائل منهم) *) يعني: رئيسهم مكسلمينا: " * (كم لبثتم) *) في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول نومهم. ويقال: إنه راعهم ما فاتهم من الصلاة، فقالوا ذلك. " * (قالوا لبثنا يوما) *)؛ لأنهم دخلوا الكهف غدوة، فلما رأوا الشمس قالوا: " * (أو بعض يوم) *) توقيا من الكذب، وكانت قد بقيت من الشمس بقية. ويقال: كان بعد زوال الشمس. فلما نظروا إلى شعورهم وأظفارهم تيقنوا أن لبثهم أكثر من يوم أو بعض يوم، " * (فقالوا ربكم أعلم بما لبثتم) *). ويقال: إن رئيسهم لما سمع الاختلاف بينهم قال ذلك. " * (فابعثوا أحدكم) *) يعني: تمليخا " * (بورقكم هذه إلى المدينة) *)، والورق: الفضة؛ مضروبة كانت أو غير مضروبة. والدليل عليه أن عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب. وفيه لغات: (بورقكم) وهي قراءة أبي عمرو وحمزة وخلف، و (ورقكم) بسكون الراء وإدغام القاف وهي قراءة أهل مكة، و " * (ورقكم) *) بفتح الواو وكسر الراء وهي قراءة أكثر القراء. و (ورق) مثل كبد وكبد وكلمة وكلمة.
(والمدينة): أفسوس، " * (فلينظر أيها أزكى طعاما) *) قال ابن عباس وسعيد بن جبير: أحل ذبيحة، لأن عامتهم كانوا مجوسا، وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. قال الضحاك: أطيب. وقال مقاتل بن حيان: أجود. وقال يمان بن رياب: أرفص. قتادة: خير. قال عكرمة: أكثر. وأصل الزكاة الزيادة والنماء، قال الشاعر:
قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة وللسبع أزكى من ثلاث وأطيب
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»