تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٣٥
وجدوا في كتاب الله عز وجل ما أمروا به ونهوا عنه، فقالوا: لن نسبق أحبارنا بشيء فما أمرونا بشيء ائتمرنا ومانهينا عنه فانتهينا، الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
وقال أهل المعاني: معناه اتخذوا أحبارهم ورهبانهم كالأذناب حيث أطاعوهم في كل شيء، كقوله: قال انفخوا حتى إذا جعله نارا أي كالنار، وقال عبد الله المبارك:
وهل بدل الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها.
" * (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه) *) نزه نفسه " * (عما يشركون) *) القراءة بالياء وقرأ ابن أبي إسحاق بالتاء " * (يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم) *) أي يبطلوا دين الله بألسنتهم، بتكذيبهم إياه وإعراضهم عنه.
وقال الكلبي: يعني يردون القرآن بألسنتهم تكذيبا له، وقال ابن عباس: يريد اليهود والنصارى أن يلزموا توحيد الرحمن بالمخلوقين الذين لا تليق بهم الربوبية، وقال الضحاك: يريدون أن يهلك محمد وأصحابه ولا يعبد الله بالاسلام.
" * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) *) أي يعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث به رسوله " * (ولو كره الكافرون) *) وإنما أدخلت إلا لأن في أبت طرفا من الجحد، ألا ترى أن قولك يثبت أن أفعل ولما فيه من الحذف تقديره: ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره، كما قال:
وهل لي أم غيرها أن تركتها أبى الله إلا أن أكون لها ابنا هو الذي يعني يأبى إلا إتمام دينه " * (هو الذي أرسل رسوله) *) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " * (بالهدى) *) قال ابن عباس: بالقرآن، وقيل: تبيان فرائضه على خلقه، ودين الحق وهو الإسلام.
" * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) *) أي يعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث به رسوله ولو كره الكافرون " * (ليظهره) *) ليعليه وينصره ويظفره " * (على الدين كله) *) على سائر الملل كلها " * (ولو كره المشركون) *).
واختلف العلماء بمعنى هذه الآية، فقال ابن عباس: الهاء عائدة على الرسول صلى الله عليه وسلم يعني ليعلمه شرائع الدين كلها فيظهره عليها حتى لا يخفى عليه منها شيء، وقال الآخرون: الهاء راجعة إلى دين الحق.
قال أبو هريرة والضحاك: ذلك عند خروج عيسى ج إذا خرج اتبعه كل دين وتصير الملل كلها واحدة، فلا يبقى أهل دين إلا دخل في الإسلام أو أدى الجزية إلى المسلمين
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»