تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٤٦
والوجه الثاني أن يكون " * (الذين) *) في محل رفع على معنى يضل به الذين كفروا الناس المفسدين منهم، وقرأ أهل الكوفة: يضل بضم الياء وفتح الضاد وهي قراءة ابن مسعود واختيار أبي عبيدة لقوله زين لهم سوء أعمالهم ويحلونه يعني النسيء عاما ويحرمونه عاما " * (ليواطؤوا) *) ليوافقوا، قال ابن عباس: ليشبهوا، قال المؤرخ: هو أنهم لم يحلوا شهرا من الحرم إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال، ولم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرم لئلا تكون الحرم أكثر من أربعة أشهر مما حرم الله فيكون موافقا للعدد، فذلك المراد.
" * (فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين) *)) .
* (ياأيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الارض أرضيتم بالحيواة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الاخرة إلا قليل * إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شىء قدير * إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم * انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذالكم خير لكم إن كنتم تعلمون) *) 2 " * (يا أيها الذين آمنوا ما لكم) *) الآية فيها حث من الله سبحانه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غزوة تبوك، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزوة الروم، وذلك في زمان عسرة من الناس وجدب من البلاد وشدة من الحر (حين) فأحرقت النخل وطابت الثمار وعظم على الناس غزوة الروم، وأحبوا الظلال والمقام في المسكن والمال، فشق عليهم الخروج إلى القتال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما خرج في غزوة الا كنى عنها وورى بغيرها إلا غزوة تبوك لبعد شقتها وكثرة العدو ليتأهب الناس وأمرهم بالجهاد، وأخبرهم بالذي يريد، فلما علم الله تثاقل الناس، انزل الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا مالكم أي شيء أمركم " * (إذا قيل لكم) *) إذا قال لكم رسول الله " * (انفروا) *) اخرجوا " * (في سبيل الله) *) وأصل النفر مفارقة مكان إلى مكان آخر لأمر هاج على ذلك، فقالت نفر فلان إلى ثغر كذا، ينفر نفرا ونفورا، ومنه نفور الدابة ونفارها " * (اثاقلتم) *) تباطأتم.
قال المبرد: أخلدتم " * (إلى الأرض) *) ومعناه: لزمتم أرضكم ومساكنكم، وأصله تثاقلتم فأدغمت التاء في الثاء وأخرجت لها الف يوصل إلى الكلام بها حين الابتداء بها، كقوله " * (حتى إذا اداركوا فيها) *) وقالوا: اطيرنا وأرجفت، العلاء والكسائي.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»