تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٤٠
بعض الكنوز، ومنه يقال: حميت الحديدة في النار " * (فتكوى) *) فتحرق " * (بها جباههم) *) جباه كانزيها " * (وجنوبهم وظهورهم) *).
قال عبد الله بن مسعود: والذي لا إله غيره مامن رجل يكوى، يكنز موضع دينار على دينار ودرهم على درهم، ولكن يوسع جلده فيوضع كل دينار ودرهم على خديه.
وسئل أبو بكر الوراق: لم خص الجباه والجنوب والظهور بالكي؟ فقال: لأن الغني صاحب الكنز إذا رأى الفقير انقبض، فإذا ضمه وإياه مجلس ازور عنه وولى ظهره عليه، وقال محمد بن علي الترمذي: ذلك لأنه يبذخ ويستكبر بماله ويقع على كنزه بجنبيه ويتساند إليه.
وقال الأحنف بن قيس: قدمت المدينة، فبينما أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل خشن الثياب، خشن الجسد، خشن الوجه فقام عليهم، فقال: بشر الكنازين برضف يحمى عليه في نار جهنم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثدييه، ويزلزل ويكوي الجباه والجنوب والظهور حتى تلتقي الحمة في أجوافهم.
قال: فوضع القوم رؤوسهم فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا، قال: فأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم، فقال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئا.
" * (هذا) *) أي يقال لهم: هذا " * (ما كنزتم لأنفسكم) *) كقوله: " * (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد أيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) *) أي تجحدون حقوق الله في أموالكم وتمنعونها.
واختلف العلماء في حكم هذه الآية، وفيمن نزلت منهم، فروى ابن شهاب عن خالد بن زيد بن أسلم عن ابن عمر وسئل عن قوله تعالى " * (الذين يكنزون الذهب والفضة) *) فقال ابن عمر: إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت جعلها الله تطهير الأموال.
مجاهد عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية كبر ذلك على المسلمين، وقالوا: ما يستطيع أحد منا يبقي لولده مالا يبقي بعده، فقال عمر ح: أنا أفرج عنكم فانطلقوا، وانطلق عمر واتبعه ثوبان فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه فقال: (إن الله عز وجل لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث في أموال
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»