تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٣٣
وأما النصارى (فقيل): إنهم كانوا على (دين واحد) سنة بعدما رفع عيسى، يصلون القبلة ويصومون رمضان، حتى وقع فيما بينهم وبين اليهود حرب، وكان في اليهود رجل شجاع يقال له: يونس قتل جماعة من أصحاب عيسى ج، ثم قال لليهود: إن كان الحق مع عيسى فكفرنا وجحدنا والنار مصيرنا، فنحن مغبونون إن دخلوا الجنة ودخلنا النار، إني احتال فأضلهم حتى يدخلوا النار، وكان لها فرس يقال له: العقاب يقاتل عليها فغرقت فرسه وأظهر الندامة ووضع على رأسه التراب.
فقال له النصارى: من أنت؟ قال يونس: عدوكم (سمعت) من السماء: ليس لك توبة إلا أن تتنصر وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة ودخل بيتا سنة لا يخرج منه ليلا ولا نهارا حتى تعلم الإنجيل ثم خرج وقال (لهم) إن الله قبل توبتك، فصدقوه وأحبوه ثم مضى إلى بيت المقدس، واستخلف عليهم نسطور وعلمه أن عيسى ومريم والإله كانوا ثلاثة، ثم توجه إلى الروم وعلمهم اللاهوت والناسوت وقال: لم يكن عيسى بإنس فتأنس ولا بجسم فتجسم ولكنه ابن الله، وعلم ذلك رجلا يقال له: يعقوب.
ثم دعا رجلا يقال له: ملكا وقال له: إن الله لم يزل ولا يزال عيسى ح، فلما استمكن منهم دعا هؤلاء الثلاثة واحدا واحدا، وقال لكل واحد منهم: أنت خليفتي، ولقد رأيت عيسى في المنام فرضي عني، وقال لكل واحد منهم: إني غدا أذبح نفسي فادع الناس للمذبحة، ثم دخل المذبحة فذبح نفسه، وقال: إنما أفعل ذلك لمرضاة عيسى، فلما كان يوم ثالثه دعا كل واحد منهم الناس إلى (نحلته) فتبع كل واحد طائفة من الناس واقتتلوا واختلفوا إلى يومنا هذا، فجميع النصارى من الفرق الثلاث.
" * (ذلك) *) يعني قول النصارى: إن المسيح ابن الله " * (قولهم بأفواههم) *) يقولون بألسنتهم من غير علم.
قال أهل المعاني: إن الله عز وجل لا يذكر قولا مقرونا بذكر الأفواه والألسن إلا وكان ذلك القول زورا كقوله تعالى: يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وقوله: كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا " * (يضاهؤن) *) قال ابن عباس: يشبهون وعنه أيضا: يحكون، وقال مجاهد: يواطئون.
وقال ذي نون: وفيه لفضان يضاهئون بالهمزة وهي قراءة عاصم، ويضاهون بغير همزة وهي قراءة العامة، يقال: ضاهيته وضاهأته بمعنى واحد " * (قول الذين كفروا من قبل) *) قال قتادة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»