تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٣٤
والسدي: ضاهت النصارى قول اليهود من قبل، فقال النصارى: المسيح ابن الله كما قال اليهود: عزير بن الله، وقال مجاهد: يضاهئون قول المشركين حين قالوا اللات والعزى ومناة بنات الله، وقال الحسن: شبه كفرهم بكفر الذين مضوا من الأمم الكافرة، وقال لمشركي العرب حين حكى عنهم، وقال الذين يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية، ثم قال: كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم وقال القيتبي: يريد إن من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى يقولون ما قال أولوهم.
" * (قاتلهم الله) *) قال ابن عباس: لعنهم الله، وكل شيء في القرآن قتل هو لعن، ومثله قال أبان بن تغلب:
قاتلها الله تلحاني وقد علمت أني لنفسي إفسادي وإصلاحي وقال ابن جريج: قاتلهم الله وهو بمعنى التعجب " * (أنى يؤفكون) *) أي يكذبون، ويصرفون عن الحق بعد قيام الدلالة عليه " * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم) *) قال الضحاك: علماءهم، وقرأ: رهبان، وأحبار العلماء: واحدهم حبر وحبر بكسر الحاء وفتحها والكسر أجود، وكان يونس الجرمي يزعم أنه لم يسمع فيه إلا بكسر الحاء، ويحتج فيه بقول الناس: هذا محبر يريدون مداد عالم، والرهبان من النصارى أصحاب الصوامع وأهل الأصفاد في دينهم، يقال: راهب ورهبان مثل فارس وفرسان، وأصله من الرهبة وهي الخوف كأنهم يخافون الله " * (أربابا) *) سادة " * (من دون الله) *) يطيعونهم في معاصي الله.
مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب. فقال: يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك، قال: فطرحته ثم انتصب وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية: " * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) *) من دون الله حتى فرغ منها فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرمون حلال الله فتحرمونه، ويحلون ماحرم الله فتحلونه، قال: فقلت: بلى.
قال أبو الأحوص: عن عطاء بن أبي البختري في قول الله عز وجل: " * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) *) قال: أما (لو أمروهم) أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه، وحرامه حلاله فأطاعوهم، فكانت تلك الربوبية.
وقال الربيع: قلت لأبي العالية كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل؟ قال: إنهم
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»