" * (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله) *) قال الفراء: معناه وما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى كقوله تعالى: " * (وما كان لنبي أن يغل) *) وقوله: " * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) *)، وقال الكسائي: أن في محل نصب الخبر ويفترى صلة له وتقديره: وما كان هذا القرآن مفترى، وقيل: أن بمعنى اللام أي وما كان القرآن ليفترى من دون الله " * (ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب) *) تمييز الحلال من الحرام والحق من الباطل " * (لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون) *) أي يقولون.
قال أبو عبيدة: أم بمعنى الواو أي ويقولون افتراه، اختلق محمد القرآن من قبل نفسه.
" * (قل فأتوا بسورة مثله) *) شبيه القرآن وقرأ ابن السميقع: بسورة مثله مضافة، فتحتمل أن تكون الهاء كناية عن القرآن وعن الرسول " * (وادعوا من استطعتم) *) ممن تعبدون " * (من دون الله) *) ليعينوكم على ذلك، وقال ابن كيسان: وادعوا من استطعتم على المخالفة ليعينوكم، وقال مجاهد: شهداءكم بمعنى ناسا يشهدون لكم " * (إن كنتم صادقين) *) إن محمدا افتراه.
ثم قال: " * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) *) يعني القرآن " * (ولما يأتهم تأويله) *) تفسيره.
وقال الضحاك: يعني عاقبته وما وعد الله في القرآن انه كائن من الوعيد والتأويل ما يؤول إليه الأمر.
وقيل للحسين بن الفضل: هل تجد في القرآن (من جهل شيئا عاداه؟) فقال: نعم في موضعين " * (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) *)، وقوله: " * (وإذا لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) *) * * (كذلك كذب الذين من قبلهم) *) من كفار الأمم الخالية " * (فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) *) أي كما كذب هؤلاء المشركون بالقرآن كذلك كذب في هذا وبشر المشركون بالهلاك والعذاب " * (ومنهم من يؤمن به) *) أي ومن قومك من سيؤمن بالقرآن " * (ومنهم من لا يؤمن به) *) لعلم الله السابق فيهم " * (وربك أعلم بالمفسدين) *) الذين لا يؤمنون " * (وإن كذبوك) *) يا محمد " * (فقل لي عملي) *) الإيمان " * (ولكم عملكم) *) الشرك " * (أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون) *).
قال مقاتل والكلبي: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد، ثم أخبر أن التوفيق للإيمان به لا بغيره، وأن أحدا لا يؤمن إلا بتوفيقه وهدايته، وذكر أن الكفار يستمعون القرآن وقول محمد صلى الله عليه وسلم فينظرون إليه ويرون أعلامه وأدلته على نبوته ولا ينفعهم ذلك ولا يهتدون لإرادة الله وعلمه فيهم فقال: " * (ومنهم من يستمعون إليك) *) بأسماعهم الظاهرة " * (أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون