تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٠٤
كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم * وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم * ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين * ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذالك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين * ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) *) 2 " * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) *) يقول: وما كان الله (ليحكم) عليكم بالضلال بعد استغفاركم للمشركين قبل أن يتقدم إليكم بالنهي.
وقال مجاهد: بيان الله للمؤمنين في ترك الاستغفار للمشركين خاصة، وبيانه لهم في معصيته وطاعته عامة، فافعلوا أو ذروا.
وقال مقاتل والكلبي: لما أنزل الله تعالى الفرائض فعمل بها الناس (ثم) نسخها من القرآن وقد غاب (ناس) وهم يعملون للأمر الأول من القبلة والخمر وأشباه ذلك، فسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى " * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم) *) يعني وما كان الله ليبطل عمل قوم عملوا بالمنسوخ " * (حتى يبين لهم) *) قال الضحاك: ما كان الله ليضل قوما حتى يبين لهم ما يأتون وما يذرون " * (إن الله بكل شيء عليم) *) ثم عظم نفسه فقال: " * (إن الله له ملك السماوات والأرض) *) يعني يحكم فيهما بما يشاء " * (يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير لقد تاب الله على النبي) *) قال ابن عباس: ومن تاب الله عليه لم يعذبه أبدا.
واختلفوا في معنى التوبة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أهل التفسير: بإذنه للمنافقين في التخلف عنهم، وقال أهل المعاني: هو مفتاح كلام ما كان هو صنف توبتهم ذكر معهم كقوله " * (فإن لله خمسه وللرسول) *) ونحوه " * (والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) *) أي في وقت العسرة ولم يرد ساعة بعينها. قال جابر: عسرة الظهر وعسرة الزاد وعسرة الماء.
قال الحسن: كان الناس من المسلمين يخرجون على بعير يعقبونه بينهم يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه، كذلك كان زادهم التمر المسوس والشعير والأهالة المنتنة وكان النفر منهم يخرجون ما معهم إلا التمرات بينهم فإذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ثم يشرب عليها جرعة من الماء كذلك حتى يأتي على آخرهم فلا يبقى من التمرة إلا النواة فمضوا (في قيض شديد) ورسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقتهم ويقينهم
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»