صمت من اللحم فأشريت، وأخذتني شهوة فحرمت اللحم، فأنزل الله " * (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) *) يعني اللذات التي تشتهيها النفوس وتميل إليها القلوب، وما أحل الله لكم من المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة " * (ولا تعتدوا) *) ولا تجاوزوا الحلال إلى الحرام.
وقيل: هو جب المذاكير وقطع آلة التناسل " * (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) *) قال عبد الله بن المبارك: الحلال ماأخذته من وجهه والطيب ما غذا ونما فأما الجوامد والطين والتراب، وما لا يغذي فمتروك إلا على جهة للتداوي " * (واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) *).
روي عن عائشة وأبي موسى الأشعري أن النبي (عليه السلام) كان يأكل الفالوذج والدجاج وكان يعجبه الحلواء والعسل وقال: (إن المؤمن حلو يحب الحلاوة). وقال: (في بطن المؤمن زاوية لا يملأها إلا الحلواء).
وروي أن الحسن كان يأكل الفالوذج فدخل عليه فرقد السبخي فقال: يا فرقد ما تقول في هذا؟ فقال فرقد: لا آكله فلا أحب أكله فأقبل الحسن على غيره كالمتعجب وقال: يا هذا أتحب لباب البر مع سمن البقر؟ هل يعيبه مسلم.
وجاء رجل إلى الحسن فقال: إن لي جار لا يأكل الفالوذ، قال: ولم؟ قال: يقول: لا يروي شكره. قال الحسن: ويشرب الماء البارد؟ قال: نعم، قال: جارك جاهل إن نعمة الله عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ.
قال ابن عباس: لما نزلت " * (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) *) الآيتين، قالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا فأنزل الله تعالى " * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) *) قرأ أهل الحجاز والبصرة " * (عقدتم) *) مشددا بمعنى وكدتم، واختار أبو حاتم فقرأها أهل الكوفة بالتخفيف واختاره أبو عبيدة. (والتشديد التكرير مرة بعد مرة،......) أمن أن يلزم من قرائتك. (الفراء): أن لا يوجب الكفارة عليه في اليمين الواحدة متى يرددها مرارا وهذا خلاف الإجماع. وقرأ أهل الشام: عاقدتم بالألف، يكون من واحد مثل: جاياك الله ونحوها.
وقرأ الأعمش بما " * (عقدت الأيمان) *) جعل الفعل الإتيان.
ومعنى الآية ما قصدتم وتعمدتم وأردتم ونويتم كقوله " * (بما كسبت قلوبكم) *)) .