تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٩٨
مساجدهم وقتلهم وأسرهم وإحراق مصاحفهم لا ولا كرامة لهم وإنما نزلت هذه الآية في النجاشي وأصحابه.
قال المفسرون: أئتمرت قريش بأن يفتنوا المؤمنين عن دينهم فوثبت كل قبيلة على محمد فيها من المسلمين يؤذونهم ويعذبونهم فأفتن ما أفتن وعصم الله منهم من شاء ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بأصحابه ولم يقدر على منعهم ولم يؤمر بعد بالجهاد أمرهم بالخروج إلى أرض الحبشة وقال: (إن بها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد).
فأخرجوا إليه حتى يجعل الله للمسلمين فرجا وأراد به النجاشي واسمه أصحمة وهو الحبشة عطية فإنما النجاشي اسم الملك كقوله قيصر وكسرى فخرج إليها سرا عشرون رجلا وأربع نسوة وهم عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف وأبو حذيفة بن عتبة وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو ومصعب بن عمير وأبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية وعثمان بن مضعون وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة وحاطب بن عمرو وسهيل بن البيضاء فخرجوا إلى البحر وأخذوا سفينة إلى أرض الحبشة بنصف دينار وذلك في رجب في السنة الخامسة من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الهجرة الأولى، ثم خرج جعفر بن أبي طالب وتتابع المسلمون إليها وكان جميع من هاجر إلى الحبشة من المسلمين اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان فلما علمت قريش بذلك وجهوا عمرو بن العاص وصاحبه بالهدايا إلى النجاشي وإلى بطارقته ليردهم إليه فيعصمهم الله وقد ذكرت هذه القصة في سورة آل عمران، فلما انصرف عمرو وأقام المسلمون هناك بخير دار وأحسن جوار إلى أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرته إلى المدينة وذلك في سنة ستة من الهجرة كتب رسول الله (عليه السلام) إلى النجاشي على يدي عمرو بن أمية الضمري يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت هاجرت مع زوجها فمات زوجها وبعث إليه من عنده من المسلمين.
فأرسل النجاشي إلى أم حبيبة جارية لها يقال لها أبرهة فزوجها حطيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وأعطتها أوضاحا لها سرورا بذلك وأمر بها أن يوكل من زوجها فوكلت خالد بن الوليد بن العاص حتى أنكحها على صداق أربعمائة دينار وكان الخاطب لرسول الله النجاشي فدعا النجاشي بأربعمائة دينار وأخذها إلى أم حبيبة على يدي أبرهة فلما جاءتها بها أعطتها منها خمسين دينارا فقالت أبرهة: قد أمرني الملك أن لا آخذ منك شيئا فإن أرد الذي أخذت منك وأنا صاحبة دهن الملك وثيابه وقد صدقت محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به وحاجتي إليك أن تقرأه مني السلام قالت: نعم، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بما عندهن من عود وعنبر
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»