تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
حبه) *) الآية. (والأسير) لا يكون إلا من الكافرين " * (من أوسط ما تطعمون أهليكم) *) أي من خير قوت عيالكم فلو إنه يقتات الحنطة لم يخوله أن يعطى الشعير.
وقرأ الصادق: أهاليكم " * (وكسوتهم) *) قرأه العامة: بكسر الكاف، وقرأ السلمي نصبه. وهما لغتان مثل إسوة وأسوة، ورشوة ورشوة.
وقرأ ابن جبير أو كاسوتهم يعني كاسوة أهلك في الطعام والأسوة الميل والتمايل أي يطعمون المساكين كما يطعمون أهليكم، واختلف العلماء في الكسوة التي تجري في الكفارات وقال قوم: هي ثوب واحد مما يقع عليه اسم الكسوة أزار أو رداء أو قميص أو سراويل أو كساء أو عمامة ونحوها. وهو قول ابن عباس والحكم والحسن ومجاهد وعطاء والباقر وإليه ذهب الشافعي. وقال آخرون: ثوب جامع لا تجزي فيها العمامة، وهو مذهب النخعي وأبي حنيفة وقال (مالك كل) ما يجوز فيه الصلاة.
وقال ابن المسيب والضحاك: لكل مسكين ثوبان، واحتجا بأن أبا موسى الأشعري كان بذمته كفارة فكسا عشرة مساكين لكل واحد ثوبين ظهرانيا ومعقدا من معقد البحرين.
وقال شهر بن حوشب: ثوب ثمنه خمسة دراهم " * (أو تحرير رقبة) *).
قال الشافعي: لا يجوز في كفارة واجبة إلا رقبة مؤمنة، مثل كفارة القتل واليمين والظهار والجماع في نهار رمضان.
والسدي (والوصيفة) ووافقه أبو حنيفة في كفارة القتل وأجاز في غيرها الرقبة الكافرة، ودليل الشافعي أن الله عز وجل قاله في كفارة القتل " * (فتحرير رقبة مؤمنة) *) فقيد وأطلق في سائرها والمطلق محمول على المقيد واحتج أيضا بما روى: إن رجلا جاء إلى النبي (عليه السلام) فقال: أوجبت يا رسول الله، فقال: إعتق رقبة فجاء برقبة أعجمية إلى النبي (عليه السلام)، فقال لها رسول الله: من ربك؟ ففهمها الله فأشارت إنه واحد، فقال: من أنا؟ فأشارت إلى السماء أي إنك رسول الله، فقال (عليه السلام): (اعتقها فإنها مؤمنة) وأوجبت لفظة مطلقة (يحتمله).
وروى أبو سلمة عن الشديد أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن أمي أوصت أن يعتق عنها رقبة وعندي جارية نوبية سوداء أفأعتقها؟ قال: أدع بها فجيء بها، فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا، قالت: رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة، واتبع أبو حنيفة ظاهر الآية
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»