وقال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس، قال: وقالت عائشة: فكنت ذات ليلة إلى جنبه فسهر تلك الليلة، فقلت: يا رسول الله ما شأنك؟ فقال: (ليت رجل صالح يحرسني الليلة) قالت: فبينما نحن في ذلك حتى سمعت صوت السلاح. فقال: من هذا؟ قال: سعد وحذيفة جئنا نحرسك، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه فنزلت الآية فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة أديم وقال: (انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله عز وجل).
وروى الحسن مرسلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما بعثني الله برسالته فضقت بها ذرعا وعرفت إن من الناس من يكذبني) وكان عتابه قريشا واليهود والنصارى فأنزل الله الآية، قلت: ولما نزل قوله " * (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) *) سكت النبي (عليه السلام) عن عيب الهتهم فأنزل الله تعالى " * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك) *) يعني معايب آلهتهم.
وقيل: نزلت في عيب اليهود وذلك إنه (عليه السلام) دعا اليهود إلى الإسلام وقالوا: أسلمنا قبلك وجعلوا يستهزئون به ويقولون: تريد أن نتخذك عيانا كما اتخذت النصارى عيانا عيسى، فلما رأى النبي (عليه السلام) ذلك سكت فحرضه الله على دعائهم إلى الإسلام وأمره أن يقول لهم.
" * (يا أهل الكتاب لستم على شيء) *) الآية.
قال الحسين بن الفضل: وهذا أولى الأقاويل لأنه ليس بين قوله بلغ ما أنزل إليك وبين قوله لستم على شيء فصل.
فلما نزلت الآية قال (عليه السلام): (لا يأتي من عندي ومن نصرني).
وقيل: نزلت في قصة عيينة بن حصين وفقراء أهل الصفة وقيل: بلغ ما أنزل إليك من الرجم والقصاص ومر في قصة. وقيل: بلغ ما أنزل إليك من أمر نسائك. وذلك أن رسول الله لما نزلت آية التخيير لم يكن يعرضها عليهن خوفا من اختيارهن الدنيا فأنزل الله، وقيل: بلغ ما أنزل إليك في أمر زينب بنت جحش، وقيل: نزلت في الجهاد، وذلك إن المنافقين كرهوه، قال الله " * (فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال) *) الآية وكرهه أيضا بعض المؤمنين قال الله " * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) *) الآية، وكان (عليه السلام) يمسك في بعض المسلمين عن الحث على الجهاد لما يعلم من كراهة القوم فأنزل الله الآية