" * (وكيف يحكمونك) *) تعجب وفيه اختصار إلى وكيف يجعلونك حاكما ويرضون بمحمد " * (وعندهم التوراة فيها حكم الله) *) وهو الرجم فلا يرضون بذلك.
" * (ثم يتولون من بعد ذلك) *) إلى قوله " * (للذين هادوا) *) فإن قيل: وهل فينا غير مسلم؟ فالجواب أن هؤلاء نبيوا الإسلام لا على أن غيرهم من النبيين لم يتولوا المسلمين وهذا كقوله * (محمد رسول الله) * * (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته) *) لا يريد أن غيره من الأنبياء لم يؤمنوا بالله وكلماته. وقيل: لم يرد به الإسلام الذي هو ضد الكفر. وإنما المراد به الذين انقادوا لحكم الله فلم يكتموه كما كتم هؤلاء، يعرض بأهل الكتاب.
وهذا كقوله " * (وله أسلم من في السماوات والأرض) *).
وقال يزيد بن عمرو بن نفيل: أسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا، وأسلمت وجهي لمن أسلمت له العيون تحمل عذبا زلالا. وقيل: معناه الذين أسلموا أنفسهم إلى الله. كما روي إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه: (أسلمت نفسي إليك).
وقيل: معناه: يحكم بها النبيون الذين أسلموا بما في التوراة من الشرائع ولم يعمل به كمثل عيسى (عليه السلام) وهو قوله تعالى " * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) *) وهو معنى قول ابن حيان يحكم بما في التوراة من لدن موسى إلى عيسى عليهما السلام.
وقال الحسن والسدي أراد محمدا صلى الله عليه وسلم حكم على اليهود بالرجم وذكره بلفظ الجمع كما قال تعالى " * (إن إبراهيم كان أمة) *) وقال: أم تحسدون الناس في الحياة " * (والربانيون والأحبار) *) يعني العلماء وهم ولد هارون (عليه السلام) وأحدهم محبر وحبر وهو العالم المحكم للشيء ومنه الكعب بن قانع كعب الأحبار وكعب الحبر.
قال الفراء: أكثر ما سمعت العرب تقول في واحد الأحبار بكسر الحاء واختلفوا في اشتقاق هذا الاسم.
فقال الكسائي وأبو عبيدة: هو من الحبر الذي يكتب به. وقال النضر بن شميل: سألت الخليل عنه، فقال: هو من الحبار وهو الأثر الحسن. فأنشد: