وروى أبو عقيل عن الحسن: في قوله: " * (سماعون للكذب أكالون للسحت) *) قال: تلك الحكام تسمع كذبه وتأكل رشوة.
وعنه في غير هذه الرواية. قال: كان الحاكم منهما إذا أتى أحد برشوته جعلها (بين يديه فينظر إلى صاحبها ويتكلم معه) ويسمع منه ولا ينظر إلى خصمه فيأكل الرشوة ويسمع الكذب، وعنه أيضا قال: إنما ذلك في الحكم إذا رشوته ليحق لك باطلا أو يبطل عنك حقا فأما أن يعطي الرجل الوالي يخاف ظلمه شيئا ليدرأ به عن نفسه فلا بأس.
والسحت هو الرشوة في الحكم على قول الحسن. ومقاتل وقتادة والضحاك والسدي.
وقال ابن مسعود: هو الرشوة في كل شيء.
قال مسلم بن صبيح: صنع مسروق لرجل في حاجة فأهدى له جارية فغضب غضبا شديدا، وقال: لو علمت إنك تفعل هذا ما كلمت في حاجتك، ولا أكلم لما بقي من حاجتك، سمعت ابن مسعود يقول: من يشفع شفاعة ليرد بها حقا أو ليدفع بها ظلما فأهدي له فقيل فهو سحت، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، قال: الأخذ على الحكم كفر. قال الله عز وجل " * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *).
وقال أبو حنيفة: إذا ارتشى الحاكم إنعزل في الوقت وإن لم يعزل.
وقال عمر وعلي وابن عباس رضي الله عنهم: السحت خمسة عشر: الرشوة في الحكم ومهر البغي وحلوان الكاهن، وثمن الكلب والقرد والخمر والخنزير والميتة والدم وعسيب الفحل وأجر النائحة والمغنية والقايدة والساحر وأجر صور التماثيل وهدية الشفاعة.
وعن جعفر بن كيسان قال: سمعت الحسن يقول: إذا كان لك على رجل دين فما أكلت في بيته فهو سحت. وروى أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعنة الله على الراشي والمرتشي).
قال الأخفش: السحت كل كسب لا يحل.
ثم قال " * (فإن جاؤوك) *) يا محمد " * (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) *). خير الله سحته بقوله في الحكم بينهم إن شاء حكم وإن شاء ترك.
واختلفوا في حكم هذه الآية هل هو ثابت وهل للحكام اليوم من الخيار في الحكم من أهل الذمة إذا اختلفوا إليهم، مثل ما جعل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أم هو منسوخ؟