تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٧٤
وإلا فكذبوا، المبرد: أصله مؤيمن فقلبت الهمزة هاء كما قيل: أرقت الماء وهرقت، ولما ينثر عن الرأس عند الدلك أبرية وهبرية ونهاة وهيهات. وأتاك وهياك فهو مبني آمن أمين كما بيطر ومبيطر من بيطار.
قال النابغة:
شك المبيطر إذ شفا من العضد وقال الضحاك: ماضيا، عكرمة: دالا عليه، ابن زيد مصدقا، الخليل: رقيبا وحافظا، يقال: هيمن فلان على كذا إذا شاهده وحفظه.
قلت: سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت المنصور بن محمد بن أحمد بن منصور البستي يقول: سمعت أبا عمر محمد بن عبد الواحد اللغوي يقول: تقول العرب: الطائر إذا جعل يطير حول وكره وخاف على فرخه صيانة له، هيمن الطائر مهيمن. وكذلك يقول للطائر إذا أرخى جناحيه فألبسهما بيضه وفرخه مهيمن. وكذلك جعل اختباؤه ومنه قيل: الله تعالى المهيمن كان معناه الرقيب الرحيم. قال: ورأيت في بعض الكتب إنها بلغة العجمانية فعربت، وقرأ عكرمة: هيمن ومهيمن. بقولهم الملوك " * (فاحكم) *) يا محمد " * (بينهم) *) بين أهل الكتاب، إذا ترافعوا إليك " * (بما أنزل الله) *) بالقرآن " * (ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) *)، أي سبيلا وسنة وجمع الشرعة الشرع وكل ما شرعه فيه فهو شرعة وشريعة، ومنه شريعة الماء ومشرعته، ومنه شرائع الإسلام شروع أهلها فيها، ويقال: من شرع شرعا إذا دخلوا في أمر وساروا به. والمنهاج والمنهج والنهج الطريق البين الواضح.
قال الراجز:
من يك في شك فهلا ولج في طريق المهج قال المفسرون: عنى بذلك جميع أهل الملل المختلفة جعل الله لكل أهل ملة شريعة ومنهاجا، فلأهل التوراة شريعة، ولأهل الإنجيل شريعة، ولأهل القرآن شريعة، يحل فيها ما يشاء ويحرم ما يشاء، والدين واحد والشرائع مختلفة " * (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) *) كلكم ملة واحدة " * (ولكن ليبلوكم) *) ليخبركم وهو أعلم وقد مضى معنى الابتلاء " * (فيما آتاكم) *) من الكتب وبين لكم من (السنن) فبين المطيع من العاصي والمواظب من المخالف " * (فاستبقوا الخيرات) *) فبادروا بالطيبات والأعمال الصالحات " * (إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) *)) .
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»