تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٦٨
فقال أكثر العلماء: هو حكم ثابت لم ينسخه شيء وحكام الإسلام بالخيار وذلك إن شاؤوا بين أهل الكتاب وجميع أهل الذمة، فإن شاؤوا أعرضوا ولم يحكموا بينهم وإن حكموا يحكموا بحكم أهل الإسلام. هو قوله: " * (ليظهره على الدين كله) *) هو جريان حكمنا عليهم. وهذا قول النخعي والشعبي وعطاء وقتادة. وقال آخرون هو منسوخ نسخه قوله تعالى " * (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) *) وإليه ذهب الحسن ومجاهد وعكرمة والسدي. وروى ذلك ابن عباس قال: لم ينسخ من المائدة إلا هاتان الآيتان وقوله تعالى " * (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) *) نسختها " * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) *) وقوله " * (فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) *) نسختها " * (أن احكم بينهم بما أنزل الله) *).
فأما إقامة الحدود عليهم فأهل العراق يرون إقامة الحدود عليهم إلا إنهم لا يرون الرجم وقالوا: لأنهم غير محصنين وتأولوا رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين أنه رجمهما بكتابهم التوراة لما اتفقوا على رضاهم بحكم التوراة ثم أنكروا الرجم، فكان في التوراة فأخفوا وأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما كتموه. وأهل الحجاز لا يرون إقامة الحدود عليهم ويظهرون إلى أنهم صولحوا على شركهم. وهو أعظم من الحدود التي يأتون وتأولوا رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين أن ذلك قبل أن يؤخذ عنهم الجزية إلا أن على الإمام أن يمنعهم من المظالم والفساد فأما إذا كان أحد الطرفين مسلما مثل أن يزني رجل من أهل الذمة بمسلمة أو سرق من مسلم أقيم عليه الحد وحكم عليه بحكم الإسلام " * (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) *) أي بالعدل " * (إن الله يحب المقسطين) *) العاملين.
2 (* (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذالك ومآ أولائك بالمؤمنين * إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون * وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الظالمون * وقفينا علىءاثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين) *) 2
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»