بلده إلى غيره وحبسه في السجن في البلد الذي نفي إليه حتى يظهر توبته وهو المختار يدل عليه ما روى ابن وهب عن أبي صيعة عن يزيد بن أبي حبيب، أن حبان بن شريح كتب إلى عمر بن عبد العزيز: إن ناسا من القبط قامت عليهم البينة بأنهم حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا وأن الله يقول " * (إنما جزاء الذين يحاربون الله) *) إلى قوله " * (من خلاف) *). وسكت عن النفي فإن رأى أمير المؤمنين أن يمضي قضاء الله فيهم فليكتب بذلك فلما قرأ عمر كتابه، قال: لقد إجترأ حبان، ثم كتب: إنه بلغني كتابك وفهمت ولقد اجترأت حين كتبت بأول الآية وسكت عن آخرها تريد أن تجترىء للقتل والصلب فإنك عبد بني عقيل يعني الحجاج فإن الله يقول " * (أو ينفوا) *) آخر الآية، فإن كانت قامت عليهم البينة فاعقد في أعناقهم حديدا فأنفهم إلى شعب وبدا وأصل النفي الطرد.
وقال أوس بن حجر:
ينفون عن طرق الكرام كما ينفى المطارق ما يلي القردا أي ما يليه القرد وهو الصوف الرديء. ومنه قيل: الدراهم الرديئة نفاية ولما تطاير من الماء عن الدلو نفي.
قال الراجز:
كأن متنيه من النفي مواقع الطير على الصفي " * (ذلك) *) الذي ذكرتم من الحد لهم " * (خزي) *) عذاب وهوان " * (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) *) ثم قال " * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) *).
قال أكثر العلماء: إلا الذين تابوا من شركهم وحربهم وفسادهم وآمنوا وأصلحوا من قبل القدرة عليهم فإنه لا سبيل عليهم بشيء من الحدود التي ذكرها الله في هذه والآية لأحد قبله فيما أصاب في حال كفره لا في مال ولا في دم ولا حرمة، هذا حكم المشركين والمحاربين.
فأما المسلمون المحاربون فاختلفوا فيهم.
فقال بعضهم: سقط عنه بتوبته من قبل أن يقدر عليه حد الله ولا يسقط عنه بها حقوق بني آدم وهو قول الشافعي.
وقال بعضهم: يسقط عنهم جميع ذلك ولا يؤخذ شيء من أمواله الا أن يوجد عنده مال بعينه فيرده إلى صاحبه ويطلبه ولي دم بدم يقوم عليه البينة فيه فيقاد به، وأما الدماء والأموال التي