وقال ابن زيد: هؤلاء المشركون يجادلونه في الحق " * (كما يساقون إلى الموت) *) (يعني) من يدعون للإسلام لكراهتهم إياه.
" * (وهم ينظرون وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) *) الآية. قال ابن عباس وابن الزبير وابن يسار والسدي: أغار كرز بن جابر القرشي على سرح المدينة حتى بلغ الصفراء فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فركب في أثره فسبقه كرز فرجع النبي صلى الله عليه وسلم فأقام سنة وكان أبو سفيان أقبل من الشام في عير لقريش فيها عمرو بن العاص وعمرو بن هشام ومخرمة بن نوفل الزهري في أربعين راكبا من كبار قريش وفيها تجارة عظيمة وهي اللطيمة حتى إذا كان قريبا من بدر بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فندب أصحابه إليهم وأخبرهم بكثرة المال وقلة الجنود فقال: (هذه عير قريش فيها أموالهم فأخرجوا إليها لعل الله عز وجل ينفلكموها) فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والركب لا يرونها إلا غنيمة لهم وخف بعضهم وثقل بعض.
وذلك أنهم كانوا لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقي حربا فلما سمع أبو سفيان بمسير النبي صلى الله عليه وسلم استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري وبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لعيرهم وأصحابه.
فخرج ضمضم سريعا إلى مكة وخرج الشيطان معه في صورة سراقة بن خعشم فأتى مكة فقال: إن محمدا وأصحابه قد عرضوا لعيركم فلا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فغضب أهل مكة وانتدبوا وتنادوا لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحناه، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى بلغ واديا يقال له: وفران، فأتاه الخبر عن مسير قريش ليمنعوا عيرهم، فخرج رسول الله عليه السلام حتى إذا كانوا بالروحاء أخذ عينا للقوم فأخبره بهم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا عينا له من جهينة حليفا للأنصار يدعى ابن الأريقط فأتاه بخبر القوم، وسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل جبرئيل فقال: إن الله وعدكم إحدى الطائفتين إما العير وإما قريش، وكان العير أحب إليهم فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في طلب العير وحرب النفير فقام أبو بكر فقال: وأحسن وقام عمر وقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله ونحن معك والله ما نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى " * (أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) *)، ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك العماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أشيروا علي أيها الناس).
وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا براء من ذمامك