تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٧
الأيام بعض القوم واقتفائه إياه ليلا، وعلى هذه يفرق بين الأنفال والغنائم بقوله تعالى: " * (واتقوا الله وأصحلوا ذات بينكم) *) وذلك حين اختلفوا في الغنيمة أمرهم بالطاعة والجماعة ونهاهم عن المفارقة والمخالفة.
قال قتادة وابن جريج: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم ينفل الرجل من المؤمنين سلب الرجل من الكفار إذا قتله وكان ينفل على قدر عنائه وبلائه حتى إذا كان يوم بدر ملأ الناس أيديهم غنائم، فقال أهل الضعف: ذهب أهل القوة بالغنائم فنزلت " * (قل الأنفال لله وللرسول فاتقوا الله وأصحلوا ذات بينكم) *) ليرد أهل القوة على أهل الضعف فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد بعضهم على بعض فأمرهم الله بالطاعة فيها فقال " * (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) *) واختلفوا في تأنيث ذات البين فقال أهل البصرة أضاف ذات البين وجعله ذات لأن بعض الأشياء يوضع عليه اسم المؤنث وبعضها يذكر نحو الدار والحائط أنث الدار وذكر الحائط.
وقال أهل الكوفة: إنما أراد بقوله " * (ذات بينكم) *) الحال التي للبين فكذلك ذات العشاء يريد الساعة التي فيها العشاء.
قالوا: ولم يضعوا مذكرا لمؤنث ولا مؤنثا لمذكر إلا لمعنى به وقوله " * (إنما المؤمنون) *) الآية يقول الله تعالى ليس المؤمنون من الذي يخالف الله ورسوله إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم " * (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) *) فرقت به قلوبهم وهكذا هو في مصحف عبد الله.
وقال السدي: هو الرجل يريد أن يهتم بمعصية فينزع عنه " * (وإذا تليت) *) قرئت " * (عليهم آياته زادتهم إيمانا) *) وقال ابن عباس: تصديقا، وقال الضحاك: يقينا. وقال الربيع بن أنس: خشية. وقال عمير بن حبيب وكانت له صحبة: إن للإيمان زيادة ونقصان، قيل: فما زيادته؟
قال: إذا ذكرنا الله وجدناه فذلك زيادته وإذا سهونا وقصرنا وغفلنا فذلك نقصان.
وقال عدي بن عدي: كتب إلى عمر بن عبد العزيز أن للإيمان سننا وفرائض وشرائع فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، (قال عمر بن عبد العزيز: فإن أعش فسأبينها لكم، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص).
" * (وعلى ربهم يتوكلون) *) أي يفوضون إليه أمورهم ويتقون به فلا يرجون غيره ولا يخافون سواه والتوكل الفعل من الوكول " * (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا) *) أي حقوا حقا يعني يقينا صدقا. وقال ابن عباس: يقول برأوا من الكفر. وقال مقاتل: حقا لا شك في إيمانهم كشك المنافقين.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»