تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٥
عن بدر فقد بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عما أصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وحزما فكان رجلا ضعيفا قال: وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم فوالله إني لجالس فيها أنحت الأقداح وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاء من الخبر إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة وكان ظهره إلى ظهري فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب قد قدم، فقال أبو لهب: هلم إلي يا بن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس، قال: لا شيء والله كأن الآن لقينا فمنحناهم أكتافا يقتلون ويأسرون كيف شاؤوا وأيم الله مع تلك ما لمت الناس:
لقينا رجالا بيضا على خيل (معلق) بين السماء والأرض (ما تليق) شيئا ولا يقوم لها شيء.
قال أبو رافع: فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت: تلك الملائكة، فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة فناورته فاحملني فضرب بي الأرض، ثم برك علي فضربني وكنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد البيت فأخذته فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة وقالت: تستضعفه أن غاب عنه سيده، فقام موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله.
ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما يدفناه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة كما تتقي الناس الطاعون حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما ألا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغسلانه فقالا: إنا نخشى هذه القرحة، قال: فانطلقا فإنا معكما فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه ثم حملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه.
وروي مقسم عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة وكان أبو اليسر رجلا مجموعا وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اليسر: يا أبا اليسر كيف أسرت العباس؟
فقال: يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، هيئته كذا وكذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم.
" * (ذلك بأنهم شاقوا الله) *) خالفوا الله " * (ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»