قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع: إحمل وزرك ووزرتك واشتقاقه من الوزر الذي يعتصم به ولهذا قيل: وزر لأنه كأنه الذي يعتصم به الملك أو النبي ومنه قوله تعالى * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) * * (على ظهورهم) *).
قال السدي وعمرو بن قيس الملائي: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيب ريحا، يقول: هل تعرفني؟ يقول: لا، إلا أن الله عز وجل قد طيب ريحك وحسن صورتك، فيقول: كذلك كتب في الدنيا أنا عملك الصالح طال ما ركبتك في الدنيا فاركبني اليوم أنت.
وقرأ " * (يوم يحشر المتقين إلى الرحمان وفدا) *) أي ركبانا، فإن الكافر تستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحا فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا إلا أن الله عز وجل قد قبح صورتك وأنتن ريحك، فيقول: لما كان عملك في الدنيا، أنا عملك السيء طالما ركبتني في المساء فأنا أركبك اليوم وذلك قوله " * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون) *).
قال الزجاج: لا يزر إليهم أوزارهم، كما يقول الضحاك: نصب عيني وذكرك محيي قلبي " * (ألا ساء ما يزرون) *) أي يحملون ويعملون " * (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) *) باطل وغرور لا يبقى، وهذا تكذيب من الله للكفار في قولهم " * (ما هي إلا حياتنا الدنيا) *) الآية " * (وللدار الآخرة) *) قرأتها العامة رفعا على نعت الواو، وإضافة أهل الشام لاختلاف اللفظين كقوله: ربيع الأول، ومسجد الجامع " * (وحب الحصيد) *) سميت الدنيا لدنوها، وقيل: لدناءتها وسميت الآخرة لأنها بعد الدنيا " * (خير للذين يتقون) *) من الشرك " * (أفلا تعقلون) *) أي الآخرة أفضل من الدنيا " * (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) *) الآية.
قال السدي: التقى الأخفش بن شريق وأبو جهل بن هشام فقال الأخفش لأبي جهل: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب، فإنه ليس ها هنا أحد يسمع. كلامك غيري؟ فقال له أبو جهل: والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وقال أبو يزيد المدني: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل فصافحه فلقيه بعض شياطينه فقال له: يأتيك تصافحه؟ قال: والله إني أعلم إنه لصادق ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.