لولا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا فأنزل الله تعالى " * (وهم ينهون عنه وينؤن عنه) *) أي يمنعون الناس عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم ويناؤن عنه أي يبتعدون عما جاء له من الهدي فلا يصدقونه وهذا قول القاسم بن محمد وعطاء ابن دينار وإحدى الروايتين عن ابن عباس وعن محمد بن الحنفية والسدي والضحاك قالوا: نزلت في جملة كفار مكة يعني وهم ينهون الناس عن اتباع محمد والإيمان به ويتباعدون بأنفسهم عنه.
قال مجاهد: وهم ينهون عنه قريشا ينهون عن الذكر ويتباعدون عنه.
وقال قتادة: وينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعدون عنه " * (وإن يهلكون إلا أنفسهم) *) لأن أوزار الذين يصدونهم عليهم " * (وما يشعرون) *) إنما كذلك " * (ولو ترى) *) يا محمد " * (إذ وقفوا) *) حبسوا " * (على النار) *) يعني في النار كقوله: " * (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) *) يعني في ملك سليمان.
وقرأ السميقع " * (إذ وقفوا) *) بفتح الواو والقاف من الوقوف والقراءة الأولى على الوقف. فقال: وقفت بنفسي وقوفا ووقفتم وقفا، وجواب لو محذوف معناه لو تراهم في تلك الحالة لرأيت عجبا " * (فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) *) قرأه العامة ويكون بالرفع على معنى يا ليتنا نرد ونحو لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين أردنا أم لم نرد.
وقرأ ابن أبي إسحاق وحمزة: ولا نكذب وتكون نصبا على جواب التمني، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصبه بالفاء.
وقرأ ابن عامر: نرد ولا نكذب: بالرفع، ونكون: بالنصب قال: لأنهم تمنوا الرد وأن يكونوا من المؤمنين وأخبروا أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إن ردوا إلى الدنيا " * (بل بدا) *) ظهر " * (لهم ما كانوا يخفون) *) يسترون في الدنيا من كفرهم ومعاصيهم.
وقال السدي إنهم قالوا: " * (والله ربنا ما كنا مشركين) *) فذلك إخفاؤهم " * (من قبل) *) فأنطق الله عز وجل جوارحهم فشهدت عليهم بما كتموا فذلك قوله عز وجل " * (بل بدا لهم) *) وهذا أعجب إلي من القول الأول لأنهم كانوا لا يخفون كفرهم في الدنيا إلا أن تجعل الآية في المنافقين.
قال المبرد: بدا لهم (جزاء ما كانوا يخفون من قبل).