تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٢
البلاد باقية كما هي إلا أن أحوالها وأحوال أهلها تنكرت وتغيرت.
وقالت الحكماء: كما إن الجلد يلي قبل البعث فأنشىء كذلك تبدل (ورجع).
وقال: (السدي): إنما تبدل الجلود جلودا غيرها من لحم الكافر، يعيد الجلد لحما ويخرج من اللحم جلدا آخر لم يبدل بجلد لم يعمل خطيئة.
وقيل: أراد بالجلود سرابيلهم من قطران سميت بها للزومها جلودهم على (المجاورة) كما يقال للشيء (الخاص) بالانسان هو جلدة ما بين (عضمه) ووجهه فكلما احترقت السرابيل عذب. قال الشاعر:
كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها فويل لتيم من سرابيلها الخضر فكنى عن جلودهم بالسرابيل.
قال عبد العزيز بن يحيى: إن الله تعالى أبدل أهل النار جلودا لاتألم ويكون (رماده) عذاب عليهم فكلما أحرق جلدهم أبدلهم الله تعالى جلدا غيره.
يكون هذا عذابا عليهم كما قال: " * (سرابيلهم من قطران) *) فتكون السرابيل تؤلمهم ولا يألم.
" * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) *) إلى قوله " * (ظلا ظليلا) *).
كثيف لا يسخنه الشمس.
" * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *). نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح، فقيل: إنه مع عثمان، فطلب منه علي (رضي الله عنه) فأجاب: لو علمت إنه رسول الله لم أمنعه المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يده، فأخذ منه المفتاح وفتح الباب، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح وجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان، فأوعز إليه ففعل ذلك علي (رضي الله عنه).
فقال له عثمان: يا علي (كرهت) وآذيت ثم جئت ترفق، فقال له: بما أنزل الله تعالى في شأنك؟ وقرأ عليه هذه الآية.
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»