فقال: أقم فإن ذلك نافعك، فانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام، فأصبح خالد وقام على القوم فلم يجد غير ذلك الرجل فأخذه وأخذ ماله فأتاه عمار فقال: خل سبيل الرجل فإنه مسلم وقد كنت آمنته وأمرته بالمقام.
فقال خالد: إنك تجير علي وأنا الأمير، فقال: نعم. أجير عليك وأنا الأمير، وكان في ذلك منهما كلام، فانصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبر الرجل فآمنه النبي صلى الله عليه وسلم وأجاز أمان عمار ونهاه بعد ذلك على أمير بغير إذنه.
قال: فاستب عمار وخالد أمام النبي صلى الله عليه وسلم فأغلظ عمار لخالد وغضب خالد وقال: يا رسول الله أتدع هذا العبد يسبني فوالله لولا أنت ما سبني عمار.
وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا خالد كف عن عمار فإنه من يسب عمارا يسبه الله ومن يبغض عمارا يبغضه الله)، فقام عمار وتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه فرضي عنه.
وأنزل الله هذه الآية وأمر بطاعة أولي الأمر.
وقال أبو هريرة وابن زيد: هم الأمراء والسلاطين لما أمروا بأداء الأمانة في الرعية، لقوله: " * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *) (أمرت الرعية) بحسن الطاعة لهم.
وقال علي كرم الله وجهه: (حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك حق على الرعية أن يسمعوا له ويطيعوا ويجيبوا إذا دعوا).
قال الشافعي (رضي الله عنه): إن من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف أمارة وكانت تأنف أن يعطي بعضها بعضا طاعة الأمارة، فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر.
وقال عكرمة: أمهات الأولاد أحرار بالقرآن.
قيل له: أي القرآن قال: اعتقهن عمر بن الخطاب. ألم تسمع قول الله تعالى " * (وأولي الأمر منكم) *) وأن عمر من أولي الأمر وأنه قال: اعتقها ولدها وإن كان سقطا.
عبد الرحمن بن الأعرج وهمام بن منبه وأبو صالح كلهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني).