تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٢١
أيديهم، ولم يقبضوا من التراب شيئا، فمسحوا وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ثم بطون أيديهم إلى الآباط.
وقال ابن سيرين: ثلاث ضربات: ضربة للوجه، وضربة لليدين، وضربة للمرفقين، وبه قال من الصحابة عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله، ومن التابعين الحسن البصري والشعبي، ومن الفقهاء أبو حنيفة وحنبل ومالك والليث، رضي الله عنهم، واحتجوا بما روى الأعرج عن أبي الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه.
وروى أبو أمامة وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين).
وروى ربيع بن سبرة عن أبيه عن جده عن أسلع قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرجل بنا يا أسلع). فقلت: أنا جنب. فسكت، إلى مكة فنزلت آية التيمم، فقال: (يكفيك هذا). فضرب بكفيه الأرض ثم نفضهما ثم مسح ذراعيه؛ ظاهرهما وباطنهما. وقال علي كرم الله وجهه: (هو ضربتان: ضربة للوجه وضربة للكفين).
وذهبت طائفة إلى أنه ضربة واحدة للوجه والكفين، وهو قول سعيد بن المسيب، والأوزاعي وأحمد وإسحاق، واحتجوا بقول الله تعالى: " * (وأيديكم) *)، قالوا واليد على الإطلاق يتناول الكف إلى الكوع، بدليل أن السارق تقطع يده إلى الكوع، وقد قال الله تعالى: " * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) *)، فاحتجوا بما روى سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: (ضربة للوجه والكفين، والتيمم من الجنابة كالتيمم من الحدث).
فإذا عدم الجنب الماء تيمم كما يتيمم المحدث بلا خلاف فيه إلا ما روي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا: لا يحق للجنب التيمم، ولكنه يصبر إلى أن يجد الماء فيغتسل، وقال مفسرا قوله عز وجل: " * (أو لامستم النساء) *) أراد اللمس باليد دون الجماع.
وروى الأعمش عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أزي أن رجلا سأل عمر عن جنب لا يجد الماء، فقال: لا يصلي حتى يجد الماء، فقال عمار بن ياسر: أما تذكر حين بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وأجنبت فتمعكت في التراب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: (قد كان يكفيك أن تفعل كذا وكذا). وضرب بيده على الأرض فمسح
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»