قوله عز وجل: " * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *) يعني يهود المدينة، وقال ابن عباس: نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب ومالك بن دخشم، كانا إذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لويا لسانيهما وعاباه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
" * (يشترون الضلالة) *) مختصر تقديره: ويشترون الضلالة بالهدى " * (ويريدون أن تضلوا) *) يا معشر المؤمنين، وقرأ الحسن تضلوا، " * (السبيل) *) أي عن السبيل.
" * (والله أعلم بأعدائكم) *) منكم، فلا تستنصحوهم فإنهم أعداؤكم، ويجوز أن يكون " * (أعلم) *) بمعنى عليم (كقوله تعالى: * (وهو أهون عليه) * * (وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا) *)، فإن شئت جعلتها متصلة بقوله " * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا) *)، وإن شئت جعلتها منقطعة عنها مستأنفة، ويكون المعنى: من الذين هادوا من يحرفون، كقوله: " * (وما منا إلا له مقام معلوم) *) اي من له مقام معلوم، وقال ذو الرمة:
فظلوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يذري دمعة العين بالمهل يريد: ومنهم من دمعه.
" * (يحرفون) *) يغيرون، " * (الكلم) *) وقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): (الكلام عن مواضعه، يعني صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم)، وقال ابن عباس: كان اليهود يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسألونه عن الأمر فيخبرهم، ويرى أنهم يأخذون بقوله، فإذا انصرفوا من عنده حرفوا كلامه. " * (ويقولون سمعنا) *) قولك " * (وعصينا واسمع غير مسمع) *) أي غير مقبول منك، وقيل: هو مثل قولهم: اسمع لا سمعت.
" * (وراعنا) *): وارعنا، وقد مضت القصة في سورة البقرة، " * (ليا بألسنتهم وطعنا) *) قدحا " * (في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا) *) مكان راعنا " * (لكان خيرا لهم وأقوم) *) أصوب وأعدل، " * (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا يا أيها الذين أوتوا الكتاب) *) خاصة باليهود، " * (آمنوا بما نزلنا) *) يعني القرآن، " * (مصدقا لما معكم) *) قال ابن عباس: كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار اليهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد، فقال لهم: (يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا، فوالله إنكم تعلمون أن الذي جئتكم به لحق)، فقالوا: ما نعرف ذلك يا محمد وأنكروا وأصروا على الكفر، فأنزل الله عز وجل " * (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم) *).