تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣١٨
بالتيمم بين صلاتي فرض، هذا قول علي وابن عباس وابن حمزة ومذهب مالك والشافعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل، قالوا: لأنها طهارة ضرورة، فقسناها على المستحاضة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأينما أدركتكم الصلاة فتيمموا وصلوا).
وروى أبو إسحاق عن الحريث عن علي رضي الله عنه قال: (تيمموا لكل صلاة).
وروي ابن المهدي عن عاصم الأحول عن عمرو بن قيس قال: بل تتيمم لكل صلاة وإن لم تحدث.
وذهبت طائفة إلى أن التيمم كالطهارة بالماء يجوز تقديمه على وقت الصلاة ويصلي من الحدث الأكبر إلى الحدث لمسا من الفرايض والنوافل، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن والثوري وأبي عبيدة واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج).
والشرط الثاني من الشرايط المبيحة للتيمم: طلب الماء، وكيفية الطلب أن يطلبه في رحله فإن لم يجد طلب من أصحابه، فإن لم يجد عندهم طلب يمينا وشمالا ووراء وأمام، فإن كان هناك تل صعد ونظر، فإن رأى إنسانا قادما فليتعرف منه، فإن تيمم قبل الطلب لم يصح عند أكثر الفقهاء.
وقال أبو حنيفة: طلب الماء ليس بشرط في جواز التيمم بل مستحب، فان تيمم قبله أجزأه، لأنه لو كان شرطا فيه لكان شرطا في النافلة لعدم الماء، ولما كان التيمم للنافلة دون طلب الماء جاز أيضا للفريضة دونه، دليلها قوله تعالى: " * (فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا) *)، ولا يقال: لم يجز إلا لمن طلب الماء، والدليل عليه أنه لو وكل وكيلا ليشتري له شيتا فإن لم يجد فخيره فاشترى الشيء الثاني قبل طلبه الأول ضمن.
والشرط الثالث: إعوازه بعد طلبه، فأما إذا كان بينه وبين الماء حائل من لص أو عدو أو سبع أو جمل صائل أو نار ونحوها فهو عادم للماء، وكذلك إن كان عليه ضرر في إتيانه مثل أن يخاف على رحله إن غاب عنه، وكذلك إن كان الماء في بئر ولم يمكنه الوصول إليه.
والشرط الرابع: العذر من مرض أو سفر لقوله: " * (وإن كنتم مرضى أو على سفر) *).
والمرض على ثلاثة أضرب: مرض لا يضر استعمال الماء معه، فلا يجوز التيمم معه،
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»