تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة).
قال عطية: فكنت ممن لم ينبت فجعلني في الذرية.
وأما ما يختص به النساء: فالحيض والحبل، يدل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار) فجعلها مكلفة بالحيض، وهذا القول في حد البلوغ.
فأما الرشد: فقد اختلف الفقهاء فيه، فقال الشافعي: هو أن يكون صالحا في دينه مصلحا في ماله، والصلاح في الدين أن يكون متجنبا للفواحش التي يفسق بها، وتسقط عدالته كالزنا واللواط والقذف وشرب الخمر ونحوها.
وإصلاح المال: أن لا يضيعه ولا يبذره ولا يغبن في التصرف غبنا فاحشا، فالرشد شيئان: جواز الشهادة وإصلاح، المال وهذا قول الحسن وربيعة ومالك.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا بلغ عاقلا مصلحا لماله، زال الحجر عنه بكل حال، سواء كان فاسدا في دينه أو صالحا فيه. فاعتبروا صلاح المال ولم يعتبروا صلاح الدين.
ثم اختلفوا فيه إذا بلغ عاقلا مفسدا لماله:
فقال أبو يوسف ومحمد: لا يزول الحجر عنه ويكون تصرفه باطلا إلا النكاح والعتق، ويبقى تحت الحجر أبدا إلى أن يظهر رشده.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغ عاقلا زال الحجر عنه، فإن كان مفسدا لماله منع من تسليم ماله إليه حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإذا بلغها يسلم المال إليه بكل حال، سواء كان مفسدا له أو غير مفسد. وقيل: إن في مدة المنع من المال إذا بلغ مفسدا ينفذ تصرفه على الإطلاق، وإنما منع من تسليم المال إليه احتياطا لماله، فقال: وجه تحديده بخمس وعشرين سنة أنه قد يحبل منه لاثني عشرة سنة ثم يولد له لستة أشهر ثم يحمل لولده بأثني عشر سنة ثم يولد له لستة أشهر فيصير جدا.
قال: وأستحي أن أحجر على من يصلح أن يكون جدا، وإذا حصل البلوغ والرشد دفع المال إليه سواء تزوج أو لم يتزوج.
وقال مالك: إن كان صاحب المال جارية وتبلغ رشيدة، فالحجر باق عليها، وتمنع من مالها حتى تتزوج، وإذا تزوجت يسلم مالها، إليها ولا يجوز لها أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها حتى تكبر وتجرب ثم حينئذ يبعد تصرفها بغير إذنه، واطلاق في الغلام. والذي يدل على
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»