تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
فقال بعضهم: معناها وإن خفتم ألا تعدلوا يا معشر أولياء اليتامى فيهن، إذا تزوجتم بهن فانكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم.
وروى الزهري عن عروة عن عائشة قال: قلت لها ما قول الله تعالى: " * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) *) فقالت: يا بن أخي هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بأدنى من صداقها فنهي أن تنكحوهن إلا أن تقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء.
قال الحسن: كان الرجل من أهل المدينة يكون عنده الأيتام وفيهن من يحل له تزويجها فيقول لها: لا أدخل في رباعي أحدا كراهة أن يدخل غريب فيشاركه في مالهن، فربما يتزوجهن لأجل مالهن ومن لا يعجبنه ثم نسي صحبتهن ويتربص بهن أن يمتن فيرثهن، فعاب الله عز وجل ذلك وأنزل الله عز وجل هذه الآية.
عكرمة: كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر والأقل، فإذا صار معدما لما يلزمه من مؤن نسائه، مال على مال يتيمته التي في حجره فأنفقه فقيل لهم: امسكوا عن النساء ولا تزيدوا على أربع حتى لا يخرجكم إلى أخذ أموال اليتامى، وهذه رواية طاوس عن ابن عباس، ومعنى رواية عطية عنه.
وقال بعضهم: كانوا يتحرجون ويتحوبون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ولا يتعددون فيهن ويتزوجون ما شاؤوا، فربما عدلوا وربما لم يعدلوا، فلما سألوا عن حال مال اليتامى أنزل الله " * (وآتوا اليتامى أموالهم) *) الآية، وأنزل أيضا هذه الآية " * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) *) يقول: كما خفتم ألا تقسطوا في اليتامى وهمكم ذلك، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ولا تتزوجوا أكثر مما يمكنكم امساكهن والقيام بحقهن، لأن النساء كاليتيم في الضعف والعجز، فما لكم تراقبون الله عز وجل في شيء وتعصونه في مثله، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي، ورواية الوالبي عن ابن عباس.
وقال الحسن أيضا: تحرجوا من نكاح اليتامى كما تحرجوا من أموالهم، فأنزل الله هذه الآية، ورخص فيهن وقصر بهن على عدد، فعليكم العدل فيهن، فإن خفتم يا معشر الأولياء في اليتامى التي أنتم ولاتهن ألا تقسطوا، فأنكحوهن ولا تزيدوا على أربع، لتعدلوا، فإن خفتم ألا تعدلوا فيهن فواحدة.
قال ابن عباس: قصر الرجال على أربع من النساء من أجل اليتامى.
مجاهد: معناه إن تحرجتم من ولاية اليتامى فأموالهم إيمانا وتصديقا، فكذلك تحرجوا عن الزنا، فانكحوا النساء الحلال نكاحا طيبا، ثم بين لهم عددا محصورا وكانوا يتزوجون ما شاؤوا من غير عدد، فأنزل الله " * (وإن خفتم ألا تقسطوا) *) أي أن لا تعدلوا.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»