تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤
وقال المفضل: قولا لينا تطيب به أنفسهم، وكلما سكنت إليه النفس أحبته من قول أو عمل فهو معروف، وما أنكرته وكرهته ونفرت منه فهو منكر " * (وابتلوا اليتامى) *) الآية، نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه، وذلك أن رفاعة توفى وترك ابنه ثابتا وهو صغير، فأتى عم ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله، ومتى أدفع إليه ماله، فأنزل الله تعالى " * (وابتلوا اليتامى) *) أي اختبروهم في عقولهم وأبدانهم وحفظهم أموالهم " * (حتى إذا بلغوا النكاح) *) أي مبلغ الرجال والنساء " * (فإن أنستم) *) أبصرتم، قال الله: " * (آنس من جانب الطور نارا) *).
قال الشاعر:
آنست نبأة وأفزعها القناص عصرا وقد دنا الإمساء وفي مصحف عبد الله: فإن أحسنتم بمعنى أحسستم، فحذف إحدى السينين كقولهم: " * (فظلتم تفكهون) *).
قال الشاعر:
خلا إن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوس " * (منهم رشدا) *). قرأه العامة: بضم الراء وجزم الشين. وقرأ السلمي وعيسى: بفتح الراء والشين، وهما لغتان.
قال المفسرون: يعني عقلا وصلاحا وحفظا للمال وعلما بما يصلحه.
قال سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي: إن الرجل يأخذ بلحيته وما بلغ رشده فلا يدفع إلى اليتيم ماله وإن كان شيخا، حتى يؤنس منه رشده.
قال الضحاك: لا يعطى اليتيم وإن بلغ مائة سنة حتى يعلم منه إصلاح ماله.
ذكر حكم الآية:
اعلم أن الله تعالى علق زوال الحجر عن اليتيم الصغير وجواز دفع ماله إليه بشيئين: البلوغ والرشد، بعد أن أمر الأولياء بالابتلاء.
ومعنى الابتلاء على ما ذكره جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو من أحد أمرين: إما أن
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»